مقال

أبو سفيان صخر بن حرب ” جزء 2″ 

أبو سفيان صخر بن حرب ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع أبو سفيان صخر بن حرب، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقال يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه، فقلت يا رسول الله، إني أجرته، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت برأسه فقلت لا والله، لا يناجيه الليلة رجل دوني ، قال فلما أكثر عمر في شأنه قلت مهلا يا عمر، أما والله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف، فقال مهلا يا عباس، والله لإسلامك يوم أسلمت أحب إلي من إسلام أبي لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

“اذهب به إلى رحلك يا عباس، فإذا أصبحت فأتني به” فذهبت به إلى رحلي فبات عندي، فلما أصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلي الله عليه وسلم قال”ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال بأبي أنت وأمي، ما أكرمك وأحلمك وأوصلك ، لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا” قال “ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ قال بأبي وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، هذه والله كان في النفس منها شيء حتى الآن” قال العباس ويحك يا أبا سفيان، أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن يُضرب عنقك، قال فشهد شهادة الحق وأسلم، وكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد سعد بن عبادة رضى الله عنه، يوم الفتح، فمر بها على أبي سفيان.

 

وكان أبو سفيان قد أسلم، فقال له سعد اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشا، فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة من الأنصار، ناداه أبو سفيان يا رسول الله، أمرت بقتل قومك، زعم سعد أنه قاتلنا، وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما يا رسول الله، ما نأمن سعدا أن تكون منه صولة في قريش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشا” فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء من سعد، وأعطاه ابنه قيس، وقد شهد أبو سفيان مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا، وأبلى فيها بلاء حسنا، وكان ممن ثبت ولم يفر يومئذ، ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انصرف الناس إليه، ولما جاء أبو سفيان إلى المدينة قبل الفتح، لما أوقعت قريش بخزاعة.

 

ونقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخاف فجاء إلى المدينة ليجدد العهد، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت “أنت مشرك” وكانت زوجاته سبعة من النساء وهم، صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وأنجبت له حنظلة وهو بكره وكذلك أم المؤمنين أم حبيبة و أميمة، وزوجته أيضا هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وأنجبت له معاوية وعتبة وجويرية وأم الحكم، وزوجته زينب بنت نوفل بن خلف بن قوالة بن جذيمة بن علقمة وأنجبت له يزيد، وزوجته أيضا عاتكة بنت أبي أزيهر بن أنيس بن الخيسق بن مالك بن سعد، وأنجبت له محمد وعنبسة، وزوجته أيضا صفية بنت أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وأنجبت له عمرو وعمر وصخرة وهند وأمينة.

 

وزوجته أيضا، أمامة بنت سفيان بن وهب بن الأشيم، وأنجبت له رملة الصغرى، وزوجته أيضا لبابة بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وأنجبت له ميمونة، وبعد أن أسلم أبو سفيان بن حرب في فتح مكة المكرمة، شارك أو سفيان مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، في غزوات عدة، من بينها غزوة حنين، وكان عمره ما يقارب السبعين عاما، وكان يقاتل بكل بسالة إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحسب له موقف عظيم من غزوة حنين، ففي هذه الغزوة كان المشركون قد نصبوا كمينا للمسلمين، وبدؤوا برشقهم بالسهام، ففر قسم كبير من المسلمين، ولكن أبا سفيان كان من الرجال الثابتين في المعركة الذي وقفوا إلى جانب رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك الموقف، وقد شهد أبو سفيان بن حرب غزوة الطائف وفيها فقد عينه.

 

وخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن يدعو ربه ليردها له، وبين عين في الجنة، وكانت عينه في يده فرماها وقال بل عين في الجنة، وشهد غزوة حنين، فعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى يوم حنين استولى على ستة آلاف بين غلام وامرأة فجعل عليهم أبا سفيان بن حرب، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين غنائم كثيرة فأعطى أبا سفيان مائة بعير وأربعين أوقية من الفضة، وأعطى ابنه معاوية مثل ذلك، ويزيد مثل ذلك أيضا فقال أبو سفيان إنك لكريم فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرا، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان عامله على نجران، وقد علاه عمر يوما بالدرة وهو شيء كالعصا فضربه، فغضبت هند، فقال عمر بن الخطاب.

 

ولكن الله رفع بالإسلام قوما ووضع به آخرين، كما أمره عمر أن ينقل الحجارة التي سد بها مجرى السيل بنفسه ففعل، فقال عمر بن الخطاب الحمد لله الذي جعل عمر يأمر أبا سفيان ببطن مكة فيطيعه، وشهد أبو سفيان، اليرموك تحت قيادة ابنه يزيد، وفيها فقد عينه الثانية، وكان قاضي الجماعة يوم اليرموك يسير فيهم ويقول الله الله، عباد الله، انصروا الله ينصركم، اللهم هذا يوم من أيامك،اللهم أنزل نصرك على عبادك، وتوفي أبو سفيان بن حرب سنة واحد وثلاثون من الهجرة، وصلى عليه الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، وكان عمره ثماني وثمانون سنة‏.‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى