مقال

الدكرورى يكتب عن المسجد الحرام “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن المسجد الحرام “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني المسجد الحرام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليومِ الآخر أن يسفك بها دما أو يعضد بِها شجرة” وفيها المسجد الحرام الذي من فضائله أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “صلاة في مسجدي هذا، أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام، أفضل من مائة صلاة في هذا” والمسجد الحرام قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز ” قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره”

 

والمسجد الحرام أول بيت وضع في الأرض لعبادة الله تعالى، حيث قال الله تعالى ” إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي للعالمين” وإن للمساجد في الإسلام أهمية عظيمة فهي بيوت الله تعالى، وأشرف البقاع على الأرض، وفيها يذكر اسم الله ليلا ونهارا، وهي خير الأماكن لتربية المسلمين على مر العصور الإسلامية، ففيها يتعلم المسلم الأخوة والمساواة، ويجتمع غنيهم وفقيرهم، صغيرهم وكبيرهم في مكان واحد، ويصلون خلف إمام واحد، وإن المسجد الحرام قبلة المسلمين جميعا، إليه يتجهون في صلواتهم أينما كانوا، وحج هذا البيت واجب على كل مسلم مرة واحدة في العمر، إذا كان قادرا، كما يُسن للمسلم أن يزوره معتمرا كل عام إن استطاع، وقد خص الله تعالى هذا البيت بخصائص كثيرة، منها أنه جعله مثابة للناس أي يثوبون إليه ثم يرجعون.

 

وإن الله تعالى يذكر شرف البيت، وماجعله موصوفا به شرعا وقدرا من كونه مثابة للناس، أي جعله محلا تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه، ولاتقضي منه وطرا، ولو ترددت إليه كل عام، استجابة من الله تعالى لدعوة خليله إبراهيم عليه السلام، وللحرم الملكي أقسام أهمها، هو موقع الكعبة المشرفة في الوسط، على شكل مربع، ويعد حجر إسماعيل عليه السلام من جهة الشمال جزءا منها، وصحن البيت الحرام المكشوف سماؤه، وأروقة المسجد المسقوف، ويشمل أربع طبقات، وهم القبو، وطابقان، والسطح، ويجري فيها كلها الطواف عند الازدحام، ومقام إبراهيم من جهة الشرق على بُعد نحو خمسين مترا من الكعبة وبابها، وهذا المسجد الحرام هو أشرف بقعة على ظهر الأرض، وأول المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال أي تقصد للعبادة فيها.

 

والحج إليه أحد أركان الإسلام الخمسة، ولم يكن له سور يحيط به قبل الإسلام، وإنما كان مجرد فناء حول الكعبة، منفتح على دور مكة، وظل كذلك طوال عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وخليفته الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأول من جعل له سورا يحيط به، دون قامة الرجل، هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزاد في مساحته لما رأى كثرة المصلين فيه، خاصة في موسم الحج، فاشترى دورا من أهل مكة وأضافها إليه، ثم زاد عثمان بن عفان رضي الله عنه، في مساحته للسبب نفسه، وجعل له أروقة مسقوفة، وفي داخل الكعبة أعمدة خشبية ثلاثة تحمل سقف الكعبة المشرفة، وهي من أقوى أنواع الأخشاب التي لا يعرف مثلها، وهي من وضع عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، أي أن عمرها أكثر من ألف وثلثمائة وخمسون عاما.

 

وهي بنية اللون تميل إلى السواد قليلا، ومحيط كل عمود منها مائة وخمسون سنتيمتر تقريبا، وبقطر أربع وأربعون سنتيمتر، ولكل منها قاعدة مربعة خشبية منقوشة بالحفر على الخشب، ويوجد بين الأعمدة الثلاثة مداد معلق فيه بعض هدايا الكعبة المشرفة، ويمتد على الأعمدة الثلاثة حامل يمتد طرفاه إلى داخل الجدارين الشمالي والجنوبي، وأما أرض الكعبة المشرفة فهي مفروشة بالرخام وأغلبه من النوع الأبيض والباقي ملون، وجدار الكعبة المشرفة من داخلها مؤزر برخام ملون ومزركش بنقوش لطيفة، وتغطى الكعبة المشرفة من الداخل بستارة من الحرير الأحمر الوردي مكتوب عليها بالنسيج الأبيض الشهادتان، وبعض أسماء الله، وكسي بهذه الستارة سقف الكعبة المشرفة أيضا، وقد شهدت الكعبة المشرفة عناية فائقة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى