مقال

الدكروري يكتب عن معركة اليرموك “جزء 5”

الدكروري يكتب عن معركة اليرموك “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع معركة اليرموك، فالقائد المسلم الكبير استرسل في شرح الأمر لجرجة، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا، ومظاهر الثقة بدأت تتسلل لجرجة قائلا بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تؤلفني ؟ قال خالد رضي الله عنه بالله لقد صدقتك، وما بي إليك ولا إلى أحد منكم وحشة وإن الله لولي ما سألت عنه، فقال جرجة صدقتني وقلب الترس ومال مع خالد، وقال علمني الإسلام، وخالد بن الوليد مال إلى فسطاطه فألقي عليه قربة من ماء ثم صلى ركعتين، وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد وهم يرون أنها منه حملة فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية عليهم، عكرمة والحارث بن هشام.

 

وركب خالد ومعه جرجة والروم خلال المسلمين فتنادى الناس فثابوا، وأسلام القائد الرومي فتت في عضد جنوده فتراجع الروم إلى مواقفهم فزحف إليهم خالد حتى تصافحوا بالسيوف، فضرب فيهم خالد، وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب، ثم أصيب جرجة ولم يصلي صلاة سجد فيها إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما، وهنا أدرك القائد البيزنطي سماحة الإسلام وفتح الله قلبه للدخول فيه وقد كان لردود بن الوليد أكبر الأثر في اقناع القائد البيزنطي والذي عاد مع جيش المسلمين لمحاربة الروم بعد أن كان واحدا من كتائبهم، وقد قرر ماهان شن الهجوم المباغت عند الفجر، عندما يكون جيش المسلمين غير مستعد ولكن خالد بن الوليد كان قد وضع نقاطا دفاعية قوية متقدمة خلال الليل سرا مما افقد عنصر المفاجئة.

 

التي كان يخطط لها البيزنطيون، ودارت المعركة وتراجع كل من جانبي الجيش المسلم، الميمنة والميسرة، حيث تدخل خالد بفرقته السريعة التنقل مرة في الميمنة ليوقف تقدم الروم، وبعدها في الميسرة، حيث قسم خالد بن الوليد هنا وحدته المتنقلة السريعة ليرسل قسما منها بقيادة ضرار بن الأزور إلى قلب جيش الروم من الجهة اليمنى له، حيث تمكن ضرار في هذا الهجوم من قتل القائد البيزنطي دريجان رغم أن ألفين من الفرسان الروم البيزنطيين كانوا بحراسته، وترك مقتل دريجان وفشل خطة ماهان الأثر المدمر على نفسية المقاتلين الروم بينما كان لنجاح خالد بصد الهجوم الأثر الأقوى لتعزيز معنويات الجند المسلمين، وبعد أحداث اليوم السابق ومقتل دريجان أحد كبار قادة الروم، تركز في هذا اليوم هجوم الروم على نقطة محددة لفصل الجيش الإسلامي.

 

وهي النقطة بين الميمنة التي كانت تحت قيادة عمرو بن العاص يقابله “قناطر” قائد السلاف، وقلب الجيش الإسلامي من الجانب الأيمن تحت قيادة شرحبيل يقابله ماهان، وبدأ الهجوم على لواء عمرو بن العاص الذي استطاع في البداية الصمود قبل أن يلعب التفوق العددي للروم دوره ليتراجع جنود عمرو بن العاص إلى الوراء بإتجاء معسكرهم، كما بدأ جنود شرحبيل في اللواء المجاور بالتراجع، وتدخلت سرايا الخيالة المسلمين لصد الهجوم بالإلتفاف عن يسار الروم، أي من الطرف الشمالي لكل لواء، وبعدها تدخل خالد مجددا بمجموعته سريعة التنقل ليهاجم جند ماهان المتقدمين ضد لواء شرحبيل، وتم صد الهجوم وتراجع الروم إلى أماكنهم الأصلية كما كانت قبل بداية المعركة، وجاء المساء لينتهي هذا اليوم وفى اليوم الرابع تم صد هجوم مماثل.

 

على الجهة نفسها، بسبب إنهاكها في اليوم السابق، كما فكر وخطط ماهان، فقد تراجع شرحبيل أمام جيش الأرمن المدعم بشكل قوي من الخيالة العرب المسيحيين بقيادة جبلة، كما تراجع عمرو بن العاص أمام جيش “قناطر” السلافي وتعرض شرحبيل للضغط الشديد وبدأت علائم الإنهاك على جنده وقبل أن يتدخل خالد بن الوليد بفرقته السريعة التنقل ليشارك برد الزحف الرومي أمر أبا عبيدة بن الجراح ويزيد ببدء الهجوم على الجيش، لإشغاله في القطاعين المقابلين لهما القسم الأيمن من القلب والميمنة الرومية وعدم تمكينهم من القيام بالهجوم الشامل، وتمكن خالد بن الوليد من القيام بمناورات ذكية أدت إلى تراجع الأرمن، ودام ذلك طوال بعد الظهر، وبعد فقدان الدعم الأرمني تراجع كذلك السلاف بقيادة ” قناطر” ليعود الجميع إلى أماكنهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى