مقال

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 5″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع موقعة الجمل، وقام بسب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقتل كل من أنكر عليه ذلك، هذا ودعاة أصحاب الجمل يدعون إلى الكف عن القتال، فلما لم يستجب حكيم بن جبلة العبدي وأنصاره لدعوى الكف عن القتال، كر عليهم أصحاب الجمل، فقتل حكيم بن جبلة العبدي، ثم إصطلح أصحاب الجمل مع عثمان بن حنيف على أن تكون دار الإمارة والمسجد الجامع وبيت المال في يد ابن حنيف، وينزل أصحاب الجمل في أي مكان يريدونه من البصرة، وقيل أن حكيم بن جبلة العبدي قتل بعد هذا الصلح لما أظهر المعارضة، وكان فى موقعة الجمل كان ممن التقى بسيفه مع الآخر في هذه المعركة الزبير بن العوام، وعمار بن ياسر رضي الله عنهما، فكم من المرات قاتلا جنبا إلى جنب تحت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر.

 

وما بعدها، وكان عُمر عمار بن ياسر حينها تسعين سنة، وعمر الزبير بن العوام خمسة وسبعين سنة، ومع قدرة الزبير على قتل عمار رضي الله عنهما، إلا أنه لا يستطيع فقد تحملا معا الكثير في سبيل بناء الدولة الإسلامية التي يُهدم اليوم من دعائمها الكثير، وقد تربيا معا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعُذبا كثيرا في سبيل الله، ولكنها الفتنة، وما كان لهما أن يتقاتلا، وهما في هذا العمر دفاعا عن باطل، أو رغبة في الدنيا، فيقول الزبير رضي الله عنه لعمار بن ياسر رضي الله عنه أتقتلني يا أبا اليقظان؟ ويضربه عمار بن ياسر رضي الله عنه بالرمح دون أن يدخله في صدره ويقول له لا يا أبا عبد الله، ويخشى الزبير بن العوام أن يكون ممن وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالفئة الباغية حين قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه.

 

” ويحك ابن سميه تقتلك الفئه الباغيه ” فيخشى الزبير رضي الله عنه أن يكون من هذه الفئة الباغية، ويريد أن يكف عنه، وهذا ما حدث، ولم يقتل أحدهما الآخر، ويبحث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الزبير بن العوام رضي الله عنه، ويلتقيان، فيقول علي رضي الله عنه للزبير رضي الله عنه، أما تذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني غنم، فنظر إليّ وضحك، وضحكت إليه، فقلت لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنه ليس بمتمرد” وإن ظهور الفتن هى إحدى علامات الساعة الصغرى التي أخبر بها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وعن حدوثها وقد ظهرت الفتن في الإسلام منذ عهد الخلفاء الراشدين حيث ارتدت بعض قباءل العرب في عهد أبو بكر الصديق رضى الله عنه فقام بما يسمى بحروب الردة.

 

أما الفتن التي تركت أثرا في الإسلام فهما فتنتين فتنة موت عثمان التي تعتبر أول فتنة في الإسلام كما قال حذيفة بن اليمنان وموت الحسين التي أدت إلى افتراق بعض المسلمين، وبعد أن وصل علي بن أبي طالب إلى البصرة، مكث فيها ثلاثة أيام والرسل بينه وبين طلحة والزبير وعائشة رضى الله عنهم أجمعين، فأرسل القعقاع بن عمرو إليهم فقال للسيدة عائشة ” أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟ ” فقالت ” أي بني الإصلاح بين الناس ” فسعى القعقاع بن عمرو بين الفريقين بالصلح، واستقر الأمر على ذلك، وقرر الفريقان الكف عن القتال والتشاور في أمر قتلة عثمان بن عفان، وقرر علي بن أبي طالب أن يرحل في اليوم الذي يليه على ألا يرتحل معه أحد من قتلة عثمان، فاجتمع رؤوس السبئية ومثيرو الفتنة، وشعروا أن هذا الصلح سينتهي بتوقيع القصاص عليهم.

 

فخافوا على أنفسهم، وقرروا أن ينشبوا الحرب بين الجيشين، ويثيروا الناس ويوقعوا القتال بينهما فيفلتوا بهذا بفعلتهم، فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة إلى علي تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيبا، فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي منَّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ثم قال ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى