مقال

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 1”

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إنه بالرغم من حالة عدم الاستقرار التي شهدتها الخلافة الإسلامية في عهد الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، إلا أن هذا العصر كان له ما يميزه مقارنة بعهود الخلافة الراشدة الأخرى، ومن أبرز هذه الأمور، هى قلة الفتوحات الإسلامية بسبب انشغال الخلافة الإسلامية بمحاربة الفتن وما ظهر في هذا العهد من خروج المحكمة والحرورية وكذلك تخصيص يوم للنظر في المظالم واسترداد حقوق الناس من بعضهم البعض، وتم وضع علم النحو على يد الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، فوضع أصول النحو وقسم الكلام إلى ثلاثة أضرب وهي اسم، وفعل، وحرف، وكان من أبرز الأسباب التي دفعته إلى ذلك دخول عدد كبير من الأعاجم في الإسلام فسعى إلى وضع مرجعية للحفاظ على سلامة اللغة العربية، ويعد الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضى الله عنه.

 

من الشخصيات الإسلامية البارزة التي كان لها دور أساسي في دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فهو ابن عمه وصهره، وهو أول من أسلم من الصبيان حيث أسلم وعمره عشرة سنوات فقط، وقد زوَّجه النبي صلي الله عليه وسلم من ابنته السيدة فاطمة الزهراء وذلك في السنة الثانية من الهجرة في شهر صفر وأنجب منها الحسن والحسين ولم يتزوج من غيرها في حياتها، وقد ذكر أنه كان أسمر اللون كثيف شعر اللحية ضخم البطن حسن الوجه، وهو أحد العشرة الذين بُشّروا بالجنة، وسمّاه النبي الكريم صلي الله عليه وسلم أبا تراب، وكان يتميز بالشجاعة والإقدام في الحرب فكان من أبرز فرسان المسلمين، وهو رابع الخلفاء الراشدين والذي به انتهت الخلافة الراشدة، كما أنه من الذين بُشّروا بالشهادة فكانت له بعد أن مات مقتولا.

 

وبعد أن تم أمر التحكيم بين الإمام على بن أبى طالب ومعاويه بن أبى سفيان، اشتد أمر الخوارج، وأرسلوا رجلين منهم فقالا له يا علي لا حكم إلا لله، فقال نعم، لا حكم إلا لله، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه قبل ذلك إن هذه كلمة حق أريد بها باطل، فالخوارج يؤولونها على غير ما يراد بها، فقال له هذان الرجلان من الخوارج تب من خطيئتك، واذهب بنا إليهم نقاتلهم حتى نلقى ربنا، فقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد كتبنا بيننا وبين القوم عهودا، وقد قال الله تعالى “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم” فقال أحدهما أما والله يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله، لأقاتلنك، أطلب بذلك رحمة الله ورضوانه، فقال علي رضي الله عنه تبا لك، ما أشقاك، كأني بك قتيلا تسفي عليك الريح، فقال الرجل وددت أن قد كان ذلك.

 

فقال الإمام علي إنك لو كنت محقا كان في الموت تعزية لك عن الدنيا، ولكن الشيطان استهواكم، فخرجا من عنده يحرّضان الناس تحريضا على الخروج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأعلنوا صراحة تكفيرهم للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتكفيرهم لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وعمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم جميعا، وكفروا كل من رضي بالتحكيم، ومن كفر وجب قتله، لأنه أصبح مرتدا، وبهذا استباحوا دماء من رضي بالتحكيم، واجتمعوا في بيت عبد الله بن وهب الراسبي، وهو أحد زعمائهم، فخطبهم خطبة بليغة زهّدهم في الدنيا، ورغبهم في الآخرة والجنة، وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم قال لهم فاخرجوا بنا من هذه القرية الظالم أهلها إلى جانب هذا السواد.

 

واجتمعوا هؤلاء جميعا في مكان يسمّى النهروان، وبدءوا يدعون من على شاكلتهم من الطوائف الأخرى، وقالوا يجب أن نخرج منكرين لهذا التحكيم، ثم قام زعيم آخر من زعمائهم وقال إن المتاع بهذه الدنيا قليل، وإن الفراق لها وشيك، فلا يدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها، ولا تلتفت بكم عن طلب الحق، وإنكار الظلم، إن الله مع الذين اتقوا، والذين هم محسنون، وقام لهم زيد بن حصن الطائي، وتلا عليهم آيات كثيرة من القرآن الكريم، ثم قام آخر فحثهم على الجهاد في سبيل الله، فبكى منهم رجل يُقال أنه عبد الله بن سخبرة السلمي تأثرا بهذه الكلمات، وحث الناس على الخروج لقتل هؤلاء الكفار، وقال اخرجوا، اضربوا في وجوههم، وجباههم بالسيوف، حتى يُطاع الرحمن الرحيم، فإن أنتم ظفرتم، وأطيع الله كما أردتم، أنابكم ثواب المطيعين له العاملين بأمره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى