مقال

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 5”

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإمام علي بن أبى طالب، وكما حزنت السيدة عائشة رضي الله عنها حزنا شديدا لقتله وضمّت إليها أولاده لرعايتهم، وتمّت السيطرة بالفعل لعمرو بن العاص على مصر وأصبح واليا عليها من قبل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وأصبحت الشام، ومصر تحت سيطرة معاوية بن سفيان رضي الله عنه، أما على الساحة العراقية، فقد كان القوم ينقلبون على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوما بعد يوم، حتى غضب عليهم غضبا شديدا، وخطب فيهم خطبة طويلة قال فيها المغرور والله من غررتموه، ولَمن فارقكم فاز بالسهم الأصيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاة، إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا منيت به منكم، عمي لا تبصرون، وبكم لا تنطقون، وصم لا تسمعون، إنا لله وإنا إليه راجعون، وكان الخوارج لا يبرحون.

 

كل مدة يخرجون على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فيقتل منهم الكثير، ثم يخرج عليه مرات ومرات، واستمرّت الأوضاع على هذا الاضطراب في العراق، بينما كانت الأوضاع هادئة في الشام، فقد كان أهلها يسمعون، ويطيعون لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكان آخر ما فعله الخوارج في هذا التوقيت أن اجتمع ثلاثة منهم، وهم عبد الرحمن بن ملجم الكندي، وكان في وجهه علامة السجود من كثرة العبادة، وكان معروفا بها، وآخر اسمه البرك بن عبد الله التميمي، وآخر اسمه عمرو بن بكر التميمي، وتشاوروا فيما ينبغي أن يفعلوه، فهم غير راضين بأمر التحكيم، ويكفرون عليا، ومعاوية، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعا، ويكفرون كذلك كل من رضي بالتحكيم، وأخذوا يترحمون على إخوانهم الذين قتلوا في النهروان.

 

وفي المعارك التي تلتها وقالوا ماذا نفعل بالبقاء بعدهم، إنهم والله كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، ثم قالوا، فلو شرينا أنفسنا من هذه الدنيا، فأتينا أئمة الضلال فقتلناهم، فأرحنا منهم البلاد، وأخذنا منهم ثأر إخواننا، فقال ابن ملجم، أنا أكفيكم أمر علي بن أبي طالب، وقال البرك، وأنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر، وأنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا على ذلك، واتفقوا على ألا ينقض أحد عهده، وأنهم سوف يذهبون لقتلهم، أو يموتون، وتواعدوا أن يقتلوهم في شهر رمضان، وكتموا الأمر عن الناس جميعا إلا القليل، ومن هؤلاء القليل من تاب وحدّث بهذا الأمر، ويقال أن امرأة تسمّى قطام بنت الشجنة كانت فائقة الجمال، وتم قتل أبوها وأخوها في يوم النهروان، جاءت إلى عبد الرحمن بن ملجم، وهو يتحدث مع بعض الناس في أمر قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

 

فلما رآها أراد أن يخطبها، فشرطت عليه أن يدفع ثلاثة آلاف درهم، وخادما، وجارية، وأن يقتل علي بن أبي طالب فقال والله ما أتيت هذه البلدة ويقصد الكوفه،إلا لهذا الأمر، فشجعته على هذا الأمر وتزوجها، فتجمعت عليه النيّات، وذهب عبد الرحمن بن ملجم لرجل آخر يسمّى شبيب بن نجدة الشجعي، وقال له هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ فقال شبيب وما ذاك؟ قال قتل علي، فقال ثكلتك أمك، لقد جئت شيئا إدا، كيف تقدر عليه؟ فهو يستنكر عليه أن يفكر في قتل علي رضي الله عنه، لأنه كان قويا شجاعا يهابه الرجال، وله مواقف عظيمة في الحروب، وبطولات رائعة في القتال، ثم هو أمير المؤمنين، فقال أكمن له في المسجد، فإذا خرج لصلاة الغداة أى صلاة الفجر، شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا شفينا أنفسنا، وأدركنا ثأرنا، وإن قتلنا فما عند الله خير.

 

فقال ويحك، لو كان غير علي لكان أهون علي، قد عرفت سابقته في الإسلام، وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أجدني أنشرح صدرًا لقتله، فقال أما تعلم أنه قتل أهل النهروان؟ نقتله بهم، وأخذ يحفزه، فوافقه على أن يساعده في هذا الأمر، وتواعد عبد الرحمن بن ملجم، والبرك بن عبد الله، وعمرو بن بكر على يوم واحد يقتلون فيه الثلاثة عليا، ومعاوية، وعمرو بن العاص، ويخلّصون الأمة من أئمة الضلال في زعمهم، ويجب أن نعلم، أن علي رضي الله عنه، كان عضيدا للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، في الجهاد، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم، بالمسلمين لقتال اليهود في خيبر تمنع اليهود في حصنهم وتآزروا وترابطوا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم، يرسل إليهم الفوج تلو الفوج لفتح الحصن فلم يقدروا.

 

فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ليلة لأصحابه لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، فبات الناس يخوضون ويتحدثون طوال ليلتهم كلهم يرجو أن يُعطاها، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، وأصبح الناس، سألهم النبى صلى الله عليه وسلم، قال “أين علي بن أبي طالب؟ قالوا يا رسول الله هو يشتكي عينيه يعني لا يستطيع أن يرى، فقال ادعوه” فدعوه، فقربه النبي صلى الله عليه وسلم، إليه ثم فتح عينيه بيديه فَنفث فيهما ودعا الله أن يشفيه فشُفي، ثم أعطاه الراية ففتح الله عليه” رواه مسلم، فعندما تواعدوا الثلاثه الأشقياء، أن يقتلوا على رضى الله عنه، يوم السابع عشر من شهر رمضان، فتوجه البرك إلى دمشق حيث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى