مقال

دنيا ودين ومع إياس بن معاذ الأنصاري ” جزء 4″

دنيا ودين ومع إياس بن معاذ الأنصاري ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع إياس بن معاذ الأنصاري، وها هو الآن يرى عمرو بن النعمان محمولا على الأكتاف كما أخبره من قبل، وليس إلا وقت قليل وينهزم الخزرج هزيمة نكراء، والأوس من خلفهم بالسلاح لا تأخذهم بهم رحمة فصاح أحد الأوسيون، يا معشر الأوس أحسنوا ولا تهلكوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب، ومع هذا الصوت توقفوا عن قتلهم وسلبهم ولكن النضير وبني قريضة فعلا، ومات حضير قائد الأوس فيما كان قومه يحملونه، وكانت هذه الحروب الأهلية قد أنهكت اليثربيين أوسهم وخزرجهم، وبعد يوم بعاث قرر عقلاء الطرفين وضع حد لهذه الحال فاتفقوا على تنصيب رجل واحد منهم يقبله الطرفان فوقع الاختيار على عبد الله بن أبي بن سلول.

 

وفيما كانا يُجهزان له ملكه حدثت بيعة العقبة الأولى والثانية ودخل الإسلام يثرب ثم هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فزال مُلك ابن أبي بن سلول قبل أن يهنأ به ولو ليوم واحد فعاش عبد الله بن أبي تحت سيادة النبي صلى الله عليه وسلم، كأكبر منافق ومعاد للنبي صلى الله عليه وسلم، عرفه التاريخ الإسلامي، وكان السبب في هذا واضح فهو كان يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد انتزعه ملكه الذي كان يُجهز له، وكان يوم بعاث هو نهاية لحروب يثرب بين الأوس والخزرج حيث أنهم اصطلحوا على ايقاف الحرب ثم دخلوا في الإسلام جميعا وأصبحت سيوفهم تسل على عدو واحد دفاعا عن عقيدتهم، وأما عن إياس بن معاذ فقد ذكره البخارى فى تاريخه الأوسط.

 

فيمن مات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين والأنصار، وترجم له في التاريخ الكبير، وقال عنه مصعب الزبيرى، أنه قدم إياس مكة وهو غلام قبل الهجرة فرجع ومات قبل هجرة النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر قومه أنه مات مسلما، وقال ابن إِسحاق في المغازي، حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن محمود بن لبيد، قال، لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع، مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل، فيهم إياس بن معاذ، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، فقد سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاهم فجلس إليهم، فقال صلى الله عليه وسلم، لهم ” هل لكم من حير مما جئتم إليه؟ قالوا وما ذاك؟

 

فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ” أنا رسول الله، يعثنى إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ” ثم ذكر لهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن الكريم، فقال إياس بن معاذ يا قوم، هذا والله خير مما جئتم له، فأخذ أبو الحيسر حفنة من البطحاء، فضرب وجهه بها، وقال دعنا منك، فلعمري لقد جئنا لغير هذا، فسكت، وقام وانصرفوا، فكانت وقعة بُعاث بين الأوس والخزرج، ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك، وقد قال محمود بن لبيد، فأخبرني مَن حضره من قومه أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبِره ويحمده ويسبحه، فكانوا لايشكون أنه مات مسلما، ولقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس، حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى