مقال

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع فضائل شهر شعبان، ولكن كيف يرانا الله سبحانه وتعالى؟ فيرد علينا القرآن الكريم كما جاء فى سورة الحديد ” وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير” فهو سبحانه وتعالى يطلع على أحوالنا في كل وقت وحين، ويطلع على النوايا التي في القلوب التي تصحب الأعمال، لأنه عز وجل كما يعلم ما في الظاهر، ويعلم ما في الضمائر ويعلم غيب السرائر، يعلم السر وأخفى، لكنه رحيم بخلقه، كريم مع عباده، لطيف بعباده المؤمنين أجمعين، عفو يحب العفو، تواب يحب التوابين ويحب المتطهرين، فيريد أن يعطينا فرصة لنتوب إليه ونرجع إليه، فجعل ملائكة عن اليمين وعن الشمال يسجلون الأعمال، وجعل ميعاد تناوبهم في وقت صلاة الفجر ووقت صلاة العصر، حتى إذا جاءوا سألهم سبحانه وتعالى “كيف وجدتم عبادى؟

 

فيقولون كما قال سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ” أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون” فيرفعون الأعمال إلى الله عز وجل، وتعرض الأعمال على الله تعالى في يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع، ولذا كان النبى الكريم صلى الله عليه وسلم يديم صيام هذين اليومين الكريمين، ولما سئل عن صوم يوم الاثنين ويوم الخميس، قال صلى الله عليه وسلم عن كل منهما “ذاك يوم تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، فاحب أن يعرض عملي وأنا صائم” ولما كان القرآن الكريم كان مبتدأ نزوله في شهر رمضان، وكان الشرع الشريف بداية تنفيذه بعد نزول القرآن، كانت السنة التشريعية للمؤمنين تبدأ في شهر رمضان، وجعل الله عز وجل من أجل ذلك قبول الأعمال في شهر شعبان، وجعل العرض يكرر مرات وكرات.

 

حتى يجعل للعبد المؤمن سبيلا إلى التوبة والإنابة إلى من يقول للشيء كن فيكون، وإن شعبان هو اسم للشهر، وقد سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شعب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان، ويجمع على شعبانات وشعابين، وأما عن الصيام في شعبان، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان” رواه البخارى ومسلم، وتقول أيضا السيدة عائشة رضى الله عنها فى رواية أخرى ” كان يصوم شعبان كله، وكان يصوم شعبان إلا قليلا” رواه مسلم، وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره.

 

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان، وإنما كان يصوم أكثره، ويشهد له حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت” ما علمته، تعني النبي صلى الله عليه وسلم، صام شهرا كله إلا رمضان” رواه مسلم، وعنها أيضا رضى الله عنها قالت” ما رأيته صام شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان” رواه مسلم، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال” ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا غير رمضان” رواه البخارى ومسلم، وكان ابن عباس رضى الله عنهما يكره أن يصوم شهرا كاملا غير رمضان، فقال ابن حجر رحمه الله” كان صيامه في شعبان تطوعا أكثر من صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان” وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال” قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم رواه النسائى، وعن السيدة عائشه رضى الله عنها قالت” كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان” رواه أبو داود، وقال ابن رجب رحمه الله” صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريب من شهر رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل شهر رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل شهر رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعُد عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى