مقال

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع الإمام شُعْبة بن الحَجّاج، وبدأ الإقبال على الحديث مبكرا، فقد كان أبوه من علماء الحديث، وكانت أمه تحثه على السماع والطلب، وأما أخواه فقد فرّغاه عن العمل وكفياه مؤونته، ونقل الخطيب البغدادي أنه كان للإمام شعبة ابن يقال له سعد بن شعبة، وكان له أخوان، بشار وحماد، وكانا يعالجان الصرف، وكان شعبة يقول لأصحاب الحديث “ويلكم الزموا السوق، فإنما أنا عيال على إخوتي” وأما بداية طلبه لعلم الحديث، فقد روى الخطيب عن الأصمعي عن شعبة قال “كنت ألزم الطرماح، أسأله عن الشعر، فمررت يوما بالحكم بن عتيبة وهو يقول حدثنا يحيى بن الجزار، وقال حدثنا زيد بن وهب، وقال حدثنا مقسم فأعجبني، وقلت هذا أحسن من الذي أطلب، أعني الشعر، قال فمن يومئذ طلبت الحديث” وممن رووا عنه الإمام مالك بن أنس رحمه الله.

 

وقال الذهبي في السير “ومن جلالته قد روى مالك الإمام، عن رجل، عنه، وهذا قل أن عمله مالك” وكان شعبه من صبره على طلب العلم، قال عنه شعيب بن حرب سمعت شعبة يقول اختلفت أي ذهبت إلى عمرو بن دينار خمسمائة مرة، وما سمعت منه إلا مائة حديث، وقال شعبة “ما سمعت من رجل عدد حديث إلا اختلفت أي ذهبت إليه أكثر من عدد ما سمعت منه الحديث” ومن احترام شعبة لمشايخه، قال عنه يحيى بن سعيد، قال لي شعبة “كل من كتبت عنه حديثا، فأنا له عبد ” وقال المنهال بن بحر سمعت شعبة يقول “أكثرت عن هؤلاء ابن عوف، والأسود بن شيبان، وسليمان بن المغيرة، ولو قدرت أن آخذ كل يوم لابن عوف بالركاب، أي أقود له دابته، لفعلت” وكما كان شعبة صاحب شعر وعالما بالعربية وكان يحث على تعلم العربية، قال أبو نعيم في الحلية.

 

حدثنا سليمان بن أحمد، الطبراني، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني نصر بن علي قال أخبرني أبي حدثنا شعبة قال كان قتادة يسألني عن الشعر، فقلت أنشدك بيتا وتحدثني حديثا، ثم أخرج عن أبي داود الطيالسي قال سمعت شعبة يقول لولا الشعر لجئتكم بالشعبي، وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب قال ابن معين كان شعبة صاحب نحو وشعر، وقال ابن حجر، قال بدل بن المحبر سمعت شعبة يقول “تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل” وقال الأصمعي لم نري أحدا قط أعلم بالشعر من شعبة، وذكر الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء، قال أنشدني “فما جبنوا أنا نشد عليهم، ولكن رأوا نارا تحس وتلفع، فذكرته لشعبة فقال ويلك ما تقول، إنما هو فما جبنوا أنا نشد عليهم، ولكن رأوا نارا تحش وتلفع، قال الأصمعي وأصاب شعبة وأخطأ أبو عمرو بن العلاء.

 

وما رأيت أحدا أعلم بالشعر من شعبة، ومثل هذه الشهادة من مثل الأصمعي راوية اللغة والشعر والأدب، شهادة عجيبة لا ينالها إلا رجل ذو حفظ عجيب وذكاء يتوقد وتعب تام وتدقيق كامل فالحمد لله الذي صرف شعبة إلى الحديث ففاز به أهل الحديث دون سواهم، وقال بشر بن عمر الزهراني سمعت شعبة يقول لأن أخرّ من السماء، أو من فوق هذا القصر أحبّ إليّ من أن أقول قال الحكم، لشيء لم أسمعه منه، وقال أبو داود الطيالسي سمعت شعبة بن الحجاج يقول “كل حديث ليس فيه حدثنا وأخبرنا، فهو خلّ وبقل ” وقال الشافعى كان شعبة يجيء إلى الرجل، يعني الذي ليس أهلا للحديث فيقول لا تحدث، وإلا استعديت عليك السلطان، وقال حماد بن زيد رأيت شعبة قد لبّب أبان بن أبي عياش، يقول أستعدي عليك إلى السلطان فإنك تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

قال فبصر بي، فقال يا أبا إسماعيل، قال فأتيته، فما زلت أطلب إليه حتى خلصته، وإنه مما عرف به الإمام شعبة رحمه الله تجرده للحق وقوته في هذا الشأن وعدم محاباته فيه أحدا من الناس كائنا من يكون، قال الآجري في سؤالات أبي داود “وسمعت أبا داود يقول قال شعبة لو حابيت أحدا حابيت هشاما بن حسان، وكان قريبه” قال مكي بن إبراهيم سئل شعبة عن ابن عون، فقال سمن وعسل، قيل فما تقول في هشام بن حسان؟ فقال خل وزيت، قيل فما تقول في أبي بكر الهذلي؟ قال دعني لا أقيء به، وقال ابن حبان في المجروحين “أخبرنا الحسن بن سفيان قال سمعت معاذ بن شعبة يقول قال أبو داود جاء عباد بن صهيب إلى شعبة فقال إن لي إليك حاجة، فقال ما هي؟ قال تكف عن أبان بن أبي عياش، فقال أنظرني ثلاثة أيام، ثم جاء بعد الثالث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى