مقال

الدكرورى يكتب عن بر الوالدين ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن بر الوالدين ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع بر الوالدين، ولكن أحق الناس بحُسن صحبتك من كلفا بك، وتعبا عليك، واجتهدا في تربيتك، والنفقة عليك، ومن رفع الله حقهم حتى جعله مقرونا بحقه جل في علاه في أكثر من موضع من كتابه الذي يتلى آناء الليل وأطراف النهار، وهما والداك الكريمان، ويقول العلماء كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان فنحن في الواقع لا ينقصنا العلم بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين، وأن عقوقهما من كبائر الذنوب وإنما ينقصنا العمل بما نعلم ينقصنا شيء من المبادرة والاهتمام، وعدم الغفلة عن مواضع البر مع زحمة الأعمال الدنيوية، كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن حاجتهما وينقصنا كذلك الخوف.

 

من مغبة وعقوبة العقوق فيا أيها العاق لا تغتر بحلم الله عليك فإنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة، ولما علم سلفنا الصالح بعظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام، وسطروا لنا صفحات مشرقة من البر وكان أبو هريرة رضي الله عنه إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته، فتقول وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا، فتقول ورحمك الله كما سررتني كبيرا، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف ” قيل من؟ يا رسول الله قال ” من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة ” رواه مسلم، ولما ماتت أم إياس بن معاوية بكى فقيل له ما يبكيك؟

 

“قال كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة، وأغلق أحدهما” والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والسعيد من وُفق لبر والديه والإحسان إليهما، فإن في برهما خيري الدنيا والآخرة، والشقي من عقهما وخالف أمرهما وأغضبهما، وسيندم لامحالة في الدنيا أو الآخرة، فإن بر الوالدين دَين يجد وفاءه الإنسان، وكما تدين تدان، وإن من ثمراته العاجله أن يجد الإنسان ثمرة ذلك في أولاده فيبرّه أولاده ويحسنوا إليه كما برّ والديه وأحسن إليهما واعلم أن برك بوالديك وطاعتك لهما عنوان رجولتك ودليل مرؤتك وأمارة نبلك وسبب سعادتك في الدارين، إن والديك هما سبب وجودك، وأرحم الناس بك، أقرب الناس إليك، يشقيان في هذه الحياة لتسعد، ويتعبان لتستريح، ويجوعان لتشبع، يعطيانك من غير منّ ولا أذى، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال.

 

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أمك ، قال ثم من؟ قال ثم أمك ، قال ثم من؟ قال ثم أمك ، قال ثم من؟ قال ثم أبوك ” متفق عليه، وذكر حق الأم ثلاثا لحق الحمل والرضاع والتربية وذكر حق الأب مرة للتربية فقط، لأن الأم أكثر حنانا وعاطفة، فيروى أن امرأة عجوز ذهب بها ابنها إلى الوادي عند الذئاب يريد الانتقام منها، وتسمع المرأة أصوات الذئاب، فلما رجع الابن ندم على فعلته فرجع وتنكر في هيئة حتى لا تعرفه أمه، فغير صوته وغير هيئته، فاقترب منها، قالت له يا أخ لو سمحت هناك ولدي ذهب من هذا الطريق انتبه عليه لا تأكله الذئاب، والأم قدمت لأن عقوقها أسهل من الأب ولذا كان برها مما يدل على حب البر.

 

فعن السيده عائشه رضى الله عنها، قال صلى الله عليه وسلم ” دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة، قلت من هذا؟ فقالوا حارثة بن النعمانِ، كذلكم البرّ كذلكم البرّ ” وكان أبرّ الناس بأمه” ويروى أن رجلا حمل أباه الطاعن في السن، وذهب به إلى خربة فقال الأب إلى أين تذهب بي يا ولدي، فقال لأذبحك فقال لا تفعل يا ولدي، فأقسم الولد ليذبحن أباه، فقال الأب فإن كنت ولا بد فاعلا فاذبحني هناك عند تلك الشجرة فإني قد ذبحت أبي هناك ولك بمثلها يا بني وكما تدين تدان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى