مقال

الدكروري يكتب عن عدلت شهادة الزور الشرك بالله ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن عدلت شهادة الزور الشرك بالله ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع عدلت شهادة الزور الشرك بالله، قال صلى الله عليه وسلم “الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم” أن أكبر الكبائر الشرك والعياذ بالله” وهو عبادة غير الله، وقد صرف بعض العبادة لغير الله كالذي يدعو الأموات، يستغيث بالأموات، ينذر لهم، يذبح لأهل القبور، يذبح للجن يستغيث بالجن، يذبح للأصنام من الأشجار والأحجار، للنجوم، هذا هو الشرك الأكبر، أو يجحد ما أوجب الله، كأن يجحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب صوم رمضان، أو يجحد ما أحل الله للمسلمين كأن يجحد حل البر،حل الإبل والبقر والغنم، أو يجحد ما حرم الله كأن يقول الزنا حلال أو الخمر حلال، كل هذا كفر أكبر شرك أكبر.

 

ثم يلي هذا العقوق للوالدين، عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وقتل النفوس بغير حق من أكبر الكبائر، ويلي الشرك القتل والعقوق للوالدين الأب والأم والجد والجدة، بالسب والشتم أو الضرب أو غير هذا من أنواع الأذى، ثم قال صلى الله عليه وسلم شهادة الزور وهو الكذب، وقد قرن الله سبحانه وتعالى بين عبادة الأصنام وبين قول الزور فقال تعالى ” فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور” ونزه المؤمنين عن قول الزور و جعل من أبرز صفاتهم الابتعاد عن قول الزور، وعن شهادة الزور فقال سبحانه وتعالى ” والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما” وما ذلك إلا لأنه من أكبر الكبائر وأعظم الجرائر وأخطر الظواهر لما يترتب عليه من الكذب والفجور والظلم وهدر الحقوق ونشر البغضاء والضغينة .

 

فبسببه انتزعت أملاك بغير حق وأكلت أموال ظلما وانتهبت حقوق بالباطل، كم برئ بسبب شهادة الزور أصبح متهم وكم من متهم بسبب شهادة الزور أصبح بريئا وكم من قضايا باطلة ودعاوى كاذبة ألبست لباس الزور فأصبحت قضايا مصدقة، وقضايا حقيقية أصبحت بشهادة الزور باطلة مكذبة، وكم من شخص ظلم في حقه أو أودع السجن وهو برئ بسبب قول الزور وشهادة الزور، فإن شهادة الزور تسبب لشاهدها دخول النار لأنها تطمس العدل والإنصاف وتعين الظالم على ظلمه وتضيع حقوق الناس وتظلم بعضهم على حساب بعض وتعطي الحق لغير مستحقه وتزرع الأحقاد في القلوب وتعصف بالمجتمع وتقوض أركانه وتزعزع أمنه واستقراره فيقول النبي صلى الله عليه وسلم.

 

“إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو يذرها” فإن هذا الذنب الخطير والشر المستطير موجود ومنتشر للأسف الشديد في أوساط مجتمعنا فكم سمعنا عن أناس يجلسون على أبواب المحاكم يبيعون ذممهم ويعرضون شهادتهم ولا يستحون أن يقولوا ” تريد شهادة” أو ” تريد أحدا يشهد معك” فيشهد معه في أمر لم يره ولم يعلم به مقابل ثمن بخس، يتحصله أو عوض دنيوى يأكله أو لأجل صداقة أو قرابة أو عداوة للطرف الثانى أو لأجل مجاملة أو محاباة أو خوف منه وقد تكون سلفا فيشهد له في قضيته على أن يشهد له في قضيته، فيشهد أحدهم شهادة مزورة أو يجمع أقوالا ملفقة أو يوشي بوشايات كاذبة لا يخافون الله تعالى فيها.

 

ولا يخشون عقابه عليها وصدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إذ يقول “إن بعدكم قوما يخونون ولا يُؤتمنون، ويشهدون ولا ُيستشهدون، وينذرون ولا يوفون” رواه البخاري ومسلم، ولقد نسي هؤلاء لقاء ربهم وظلمة قبرهم ونسيوا أن الحقائق قد تقلب في الدنيا لكنها عند الله تعالى في الآخرة لن يحق فيها إلا الحق ولن يصح منها إلا الصحيح فالحق في ميزان رب العالمين وأحكم الحاكمين سبحانه وتعالى لا تنفع في رده شهادة المزورين ولا فصاحة المحامين ولا تزوير المدلسين والمزورين، وإن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية ومبادئها هو تحقيق العدالة، ومنع الظلم بين الناس، ويراعى فيها بميزان العدالة بين الجماعة والفرد، فلا يسرف في تقديس حقوق الجماعة ولا الفرد، وذلك تبعا لنظرية الموازنة التي تهدف إلى تحقيق مصلحة الفرد والجماعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى