مقال

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع مفهوم الأم في الإسلام، وفي صحيح مسلم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى ابن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلا عابدا، فاتخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت يا جريج، فقال يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت يا جريج، فقال يا رب، أمي وصلاتى، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت يا جريج، فقال أى رب، أمي وصلاتى، فأقبل على صلاته، فقالت اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت إن شئتم لأفتننه لكم، قال فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوى إلى صومعته.

فأمكنته من نفسها، فوقع عليها، فحملت، فلما ولدت، قالت هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه، فقال ما شأنكم؟ قالوا زنيت بهذه البغي، فولدت منك، فقال أين الصبي؟ فجاؤوا به، فقال دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه، وقال يا غلام من أبوك؟ قال فلان الراعي، قال فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا نبني لك صومعتك من ذهب، قال لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا” ومعنى الحديث أنه لقد أجاب الله تعالى دعوة أمه، وكان الأولى إجابته أمه لأنها من أوجب الواجبات، وهنا قال الإمام النووى أن صلاة النفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب، وإجابة الأم وبرها واجب، وعقوقها حرام، بل وصَّى الله بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا مشركين فقال تعالى كما جاء فى سورة لقمان.

“وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا ” فما بالك بحقهما عليك وهما مؤمنان؟ وإن سير الصالحين مع الأمهات مآثر تدرس, وأخبار تروى, فحدث عن الوفاء, وعن السمو, وعن البر في أنصع الصور, وأرق المشاعر, قال محمد بن بشر الأسلمي لم يكن أحد بالكوفة أبر بأمه من منصور بن المعتمر وأبى حنيفةَ، وكان منصور يفلى رأس أمه، وكان أبو حنيفة يتصدق عنها بالأموال كل آن، وذلكم الصالح محمد بن المنكدر يقول بات أخي عمر يصلي، وبت أغمز رجل أمى، وما أحب أن ليلتي بليلته، وأما إمام الحديث بندار فقد حُرم الخروج للحديث لأجل أمه, استئذنها فلم تأذن, يقول بعد ذلك فبورك لى في العلم، فكم يأسى المرء اليوم وهو يسمع عن صور من صور العقوق، يندى لذكرها الجبين.

هو قطيعة وبذاءة وتطاول باللسان وربما باليد، تأفف وتضجر، وإظهار للسخط وعدم الرضى، حتى غدت منزلة الصديق عند الكثير من شباب اليوم أعلى قدرا ومكانة من الوالدين, وحتى قدم البعض رضى زوجاتهم على رضى أمهاتهم وآبائهم, ولربما أبكى أمه في سبيل أن يرقأ دمعة ابنه، والمصيبة تعظم حين تكون من ابن أراه الله نسله ويوشك إن لم يتب أن يرى ذلك العقوق في بنيه, فالبر دين والعقوق كذلك، أهكذا ينتهى الحال بأمك التي حملتك كرها، ووضعتك كرها، ورأت الموت مرات لأجلك, أهذا جزاء والدتك التي أرضعتك وربتك وغذتك ورعتك؟ مسكين أنت أيها العاق، تنام ملء جفنيك، وقد تركت والدين ضعيفين يتجرعان من العقوق غصصا، ونسيت أو تناسيت أنك ممهل لا مهمل، فعاقبة العقوق معجلة لصاحبها فى الدنيا قبل الآخرة.

وفي الحديث يقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبة العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم” وحكي أنه في زمن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم شاب يُسمى علقمة وكان كثير الاجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة فمرض واشتد مرضه فأرسلت امرأته إلى رسول الله أن زوجي علقمة في النزع فأردت أن أعلمك بحاله يا رسول الله، فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم عمارا وصهيبا وبلالا، وقال صلى الله عليه وسلم ” امضوا إليه ولقنوه الشهادة” فمضوا عليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع فجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله، ولسانه لا ينطق بها فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة، فقال صلى الله عليه وسلم” هل من أبويه أحد حي ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى