مقال

الدكروري يكتب عن الجنة ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الجنة ” جزء 1″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى

إن الجنة هي الجزاء العظيم، والثواب الجزيل، الذي أعده الله تعالي لأوليائه وأهل طاعته، وهي نعيم كامل لا يشوبه نقص، ولا يعكر صفوه كدر، وما حدثنا الله به عنها، وما أخبرنا به الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يحير العقل ويذهله، لأن تصور عظمة ذلك النعيم يعجز العقل عن إدراكه واستيعابه ، فاستمع إلى قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي، فيقول صلي الله عليه وسلم، فيما بلغ عن رب العزة في الحديث القدسي” قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر، فاقرءوا إن شئتم ” فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين” رواه البخاري، وأن أهل الجنة قلوبهم على قلب رجل واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، يسبحون الله بكرة وعشيا، لا يسقمون فيها ولا يموتون، ولا ينزفون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمنون، ولا يمتخطون.

ولا يتفلون، آنيتهم من الذهب والفضة، وأمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ولكن هل في الجنة مراكب؟ نعم فيها مراكب فنحن في هذا الزمان نحب أن نركب السيارات الفاخرة، وترى الواحد منا يركب الدين تلو الدين حتى يشتري سيارة آخر موديل، ثم تراه في الغد يسوق السيارة إلى الورش الصناعية، أو تسوقه حمانا الله وإياكم إلى الحوادث والأخطار، ونعيم الدنيا مشوب بالشقاء، ليس له صفاء، وليس له بقاء، وأما نعيم الآخرة فاستمع إلى هذا الرجل الذي سأل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل في الجنة من خيل؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” إن أدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تحمل على فرس من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة حيث شئت إلا كان” ثم جاء آخر فقال يا رسول الله، هل في الجنة من إبل؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بجواب يعم جميع المركوبات.

فقال “إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك ” رواه الترمذي، وأما نساء أهل الجنة فلسن كنساء الدنيا، ألم تسمع قول الله تعالى “ولهم فيها أزواج مطهرة” مطهرة من الحيض والنفاس ومن البول والغائط والمخاط والبصاق وسائر الأنجاس، فيا من انتهك حرمات رب العالمين، إياك أن تبيع الحور العين ببنات الطين وغض بصرك عن السفور، واحفظ فرجك عن الفجور، وقدم العفة مهرا للحور، فقال سبحانه “وزوجناهم بحور عين” والحوراء هى الشابة الجميلة البيضاء ، شديدة سواد العين، شديدة بياضها والعيناء هى واسعة العينين وقال الله تعالى “كأمثال اللؤلؤ المكنون، كأنهن الياقوت والمرجان” كأن الحورية الياقوت في صفائه، والمرجان في حسن بياضه، وقال سبحانه “فيهن خيرات حسان” خيرات الأخلاق، حسان الوجوه، جمع الله لهن الجمال الحسي والجمال المعنوي.

فما رأيكم لو أن امرأة واحدة من الحور العين أطلت علينا في سمائنا، ماذا يحدث في هذا الكون؟ فاستمع إلى الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصف هذا المشهد ويقول ” لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا” أي ما بين المشرق والمغرب يعج بريحها الطيب، قال ولأضاءت ما بينهما ” ليس لأنوار الأرض مكان، ليس للشمس مكان عند نور الحورية ” قال ولنصيفها على رأسها ” أي خمارها ” خير من الدنيا وما فيها ” رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء اللحم ” رواه أحمد، أى لو ضحكت في وجه زوجها لأضاءت الجنة من نور مبسمها، ولو بزقت في ماء البحر لجعلته عذبا زلالا من حلاوة لعابها.

وينظر إلى وجهه في خدها أصفى من المرآة، وإن أصفى ساعات المسلم وأفضلها وأرقى درجاته أن يستولي على قلبه الطمع في الجنة والخوف من النار، وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم يغلب على قلوبهم الخوف من النار والطمع في الجنة في كل أوقاتهم وأحوالهم، فصلحت أعمالهم واستقامت لهم أمورهم ، فهذا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه من القادة الشهداء يودع أصحابه في غزوة مؤتة فيبكي ويقال له ما يبكيك؟ فقال والله، ما أبكي صبابة بكم ولا جزعا على الدنيا، ولكن ذكرت قول الله تعالى ” وإن منكم إلا واردها كان علي ربك حتما مقضيا” فكيف لي بالصدر بعد الورود؟ وهذا عُمير بن الحمام رضي الله عنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ” قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، كان في يده تمرات، فرمى بهن وقال لئن بقيت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فقاتل حتى قتل” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى