مقال

الدكروري يكتب عن الفقهاء من الصحابة “جزء 5”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الفقهاء من الصحابة “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع الفقهاء من الصحابة، وقد قال البيضاوي، معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل جبل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه، ومعنى المد هو كف اليد مليئ بالطعام، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص، وصدق النية مع ما كانوا من القلة، وكثرة الحاجة والضرورة، وقيل السبب فيه أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام، وإعلاء كلمة الله تعالى ما لا يثمر غيرها، وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخرون فيه إلى فضل المتقدمين لقلة عدد المتقدمين، وقلة أنصارهم فكان جهادهم أفضل، ولأن بذل النفس مع النصرة، ورجاء الحياة ليس كبذلها مع عدمها، وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم”

وعن أبي بردة رضى الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون” وعن أبي راكة قال، صليت خلف الإمام علي، صلاة الفجر فلما سلم انفلت عن يمينه ثم مكث كأن عليه الكآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال ” لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما أرى اليوم شيئا يشبههم كانوا يصبحون ضمرا شعثا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله ويراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم ” ويتضح من كل ذلك أن الصحابة الكرام درجات بعضها فوق بعض.

فالسابقون الأولون الذين أسلموا وجوههم إلى الله تعالى، ولبوا مناديه إلى الإيمان، وكل من على سطح هذه المعمورة مخالف لهم هم كبار الصحابة الذين اصطنعهم سيدهم بنفسه، ورباهم تحت سمعه وبصره عبر ثلاث عشرة سنة قضاها رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، في مكة، وقال فيهم ورحى الحرب دائرة في بدر “اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض ” وقال كذلك صلى الله عليه وسلم ” الله الله في أصحابي، فلوأن أحدكم تصدق بمثل أحد ذهبا ما ساوى مده ولا نصيفه” ويلي هؤلاء السابقين من المهاجرين، والسابقون من الأنصار وهم الذين بايعوا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، بيعة العقبة على أن يمنعوه من الأسود والأحمر، والإنس والجن، وما سوى الصحابة الكبار طبقات بعضها أفضل من بعض.

فالذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا أفضل من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وأن الله تعالى قد جعل لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، مقياسا تقاس به أقدارهم وميزانا توزن به منازلهم ومراتبهم، فالسابقون الأولون من المهاجرين هم الكبار الذين لا يسمو إليهم غيرهم، ومن عداهم من الصحابة الكرام متفاوتون تبعا لأعمالهم في نصرة الإسلام، وجهادهم تحت ألويته وراياته، فأفضلهم الذين شهدوا بدرا ودافعوا عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودينه فيها، ويليهم من شهد غزوة أحد وهكذا حتى غزوة تبوك، ولقد كانت الصحابة الكرام يتعلمون الأحكام الشرعية ويتفقهون في دين الله تعالى، خلال العصر النبوي الشريف الذي اختص بنزول الوحي فيه، حتى اكتمل الدين، وكانت مهمة الصحابة هو تعلم أحكام الشرع، وهو ما شرعه الله تعالى.

على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من أحكام، وأخذ كل ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم، من عند الله وحفظه ووعيه، وأيضا تدوين القرآن ثم الحديث ونقله وروايته وتعليمه للناس، والتفقه فيما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وأوحي به إليه من القرآن الكريم والحديث، وقد فسرت آيات الله تعالى، بالقرآن الكريم، وفسرت الحكمة بأنها هى الحديث النبوي الشريف، فكان هو معلمهم الذي أخذوا من علمه، وتتبعوا ما جاء عنه من أقواله وأفعاله وتقريراته، فكان يرشدهم ويوجههم ويسدد خطاهم ويفقههم في الدين ويعينهم على التعليم والتعلم بالنصيحة والدعاء لهم بالخير، ويوضح لهم تعاليم الدين وقواعده التي تبنى عليها اجتهاداتهم وتقوم بها حجتهم، ويقوم على أساسها قياس الأشباه والنظائر في المسائل المستجدات التي تواجههم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى