مقال

الدكرورى يكتب عن أين المشمرين لرمضان؟ ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن أين المشمرين لرمضان؟ ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع أين المشمرين لرمضان، فقد كانت أخبارهم كما قال تعالى في سورة الذاريات ” كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم” فسهل الله تعالي عليهم الحساب في ذلك اليوم، وجاء في الخبر الصحيح أن غنيا وفقيرا التقيا عند باب الجنة، فدخل الفقير في الحال، وبقي الغني يحاسب على ماله خمسمائة سنة حتى خاف الفقير عليه، فدخل الغني الجنة بعد خمسمائة سنة من دخول الفقير، فقال له الفقير خفت عليك فما الذي أخرك؟ قال أخرني مالي، وهذا المال حلال، لا ربا فيه ولا غش، ولا أكل أموال الناس بالباطل، لكن كل هذا الحساب هو السؤال فقط من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وهذا الغني طهر المال في الدنيا، وطهر نفسه بالصدقات، لكن لا بد من السؤال والحساب، وهذا الحساب على مال حلال ليس فيه ربا ولا سرقات.

ولا أكل مالا بالظلم والعدوان، ولا أكل أموال اليتامى بالباطل، لا افترى على الناس، بل هو حلال أخره خمسمائة سنة، فكيف بالذي أكل مال هذا وسب هذا وشتم هذا وأخذ زورا وبهتانا أموال الناس؟ ثم من آثار الصدقة يوم القيامة أنها تثقل الميزان، فقال يحيى بن معاذ ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا حبة الصدقة، فقد جاءت فقيرة إلى أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فما وجدت إلا حبة عنب فأعطتها إياها، فاستحقرتها جاريتها، فقالت السيدة عائشة التي تعرف عظم الأجر والثواب إن الله يقول في سورة الزلزلة ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره” وكم من الذرات في حبة العنب” وقال الله تعالى في سورة الأنبياء ” ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها وكفي بنا حاسبين” فالله لا يظلم أحدا، إنما يوفى الناس حسابهم بالعدل والتمام بلا ظلم ولا نقصان.

ثم إن من آثار الصدقة في ذلك اليوم هو الجواز على الصراط، فقيل لأحد الصادقين المنفقين ماذا صنع بك الله؟ قال وضعت قدما على الصراط والقدم الأخرى في الجنة، فلا يعبر الصراط بالطائرات أو بالقطارات أو بالسيارات، بل يعبر الصراط بالأعمال الصالحة، فمنهم من يمر كالريح، ومنهم كالخيل، ومنهم كالبرق، ومنهم من يركض ركضا، ومنهم من يهرول هرولة، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يحبو حبوا، فناج مخدوش، ومكردس على وجهه في النار، فيقول تعالي ” وإن منكم إلا واردها” أي إلا سيمر على هذا الصراط، ويقول تعالي ” كان علي ربك حتما مقضيا” ثم من الذي ينجو؟ قال تعالى ” ثم ننجي الذين اتقوا” ثم إن من آثار الصدقة هو زيادة الدرجات، فمن صلى وصام ليس كمن رقد ونام، ومن قام وصلى وجد واجتهد ليس كمن تكاسل عن العمل، شتان بينهما، فقال تعالى في سورة القلم ” أفنجعل المسلمين كالمجرمين”

ويقول عز شأنه في سورة الجاثية ” أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون” ألا يكفيني ويكفيك أن الصدقة تطفئ غضب الرب، فالأنبياء وأولو العزم يقولون يوم القيامة “إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله” ثم الكل ينادي نفسي نفسي، نفسي نفسي، وهم أولو العزم من الرسل، خير من صلى وصام وقرأ القرآن وقام، كل يقول نفسي نفسي نفسي، كيف سيكون مثل حالي وحالكم؟ فلا بد أن نتفكر في المصير والمآل، فإن الصدقة تنجي من عذاب الله سبحانه وتعالي، فقال ابن القيم رحمه الله فإن الصدقة تفدي من عذاب الله تعالى، فإن ذنوب العبد وخطاياه تقتضي هلاكه فتجيء الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للنساء يوم العيد “يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار”

وفي رواية أخرى قال صلي الله عليه وسلم “رأيت النار، ورأيت أكثرها النساء” فقال صلي الله عليه وسلم السبب في ذلك وهو أنهم “يكثرن اللعن ويكفرن العشير” ولنا الوقفة مع أم المؤمنين عائشة ومع أمهات المؤمنين، فقيل أهدى معاوية بن أبي سفيان لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ثمانين ألف، فتقول جاريتها فما جاء المساء حتى أنفقتها كلها وكانت صائمة رضي الله عنها وأرضاها، فقالت لها جاريتها هلا أبقيت لنا درهما نشتري به طعاما، قالت لو ذكرتني” وإذا تكلمنا عن الكرم والجود والعطاء والسخاء فإن عكس الكرم والجود هو البخل والشح، حيث قال الله تعالي في سورة الحشر ” ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون” وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى