مقال

الدكروري يكتب عن الإمام المُناوي ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام المُناوي ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام المناوي، ويتلخص كلامه على هذا الأحاديث في الآتي أنه يعارض السيوطي في تصحيح بعض الأحاديث كقوله عند حديث “أتاني جبريل في أول ما أوحي فعلمني الوضوء والصلاة” قال رمز المؤلف لصحته وليس كما ظن، فقد أورده ابن الجوزي في العلل عن أسامة عن أبيه من طريقين في أحدهما ابن لهيعة، والأخرى رشدين، وقال ضعيفان، ونقل عن الدارقطني تضعيفه للحديث بسبب ابن لهيعة ورشدين وقال لكن يقويه كما قال بعض الحفاظ ما ورد من طريق ابن ماجه بمعناه، وورد نحوه عن البراء وابن عباس، أما الصلاة فلا، وكما يخالف السيوطي في تحسين بعض الأحاديث كقوله عند حديث “أتاني جبريل فقال إذا توضأت فخلل لحيتك” قال رمز لحسنه، وهو زلل، فقد قال ابن حجر بعد عزوه لابن أبي شيبة وابن ماجه.

وابن عدي في إسناده ضعف شديد، وكما يتعقب السيوطي في كونه قصر الحكم على بعض الأحاديث، فما يقول فيه ضعيف كان حقه الرمز له بالحسن، وما يقول فيه حسن فهو أعلى من ذلك، كقوله عند حديث “أتاني ملك برسالة من الله عزو جل” قال رمز المصنف لضعفه، وهو تقصير، بل حقه الرمز لحسنه، فإنه وإن كان فيه صدقة بن عبد الله الدمشقي، وضعفه جمع، لكن وثقه ابن معين ودحيم وغيرهما، وهو أرفع من كثير من أحاديث رمز لحسنها، كما ينبه على الأحاديث الموضوعة التي يوردها السيوطي في الجامع ساكتا عنها، مع العلم أن السيوطي قال في مقدمته وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب، وأبان المناوي عن هذه الأحاديث التي سكت عنها السيوطي أو لم ينبه على أنها موضوعة، مع العلم أن بعض هذه الأحاديث قد حكم عليها السيوطي بالوضع في بعض كتبه.

وقد اعتذر بعض أهل العلم لذلك إما أن السيوطي قد ظهر له اجتهاد فتغير حكمه في الحديث، فبينه في كتبه الأخرى، وإما أنه قد حصل له ذهول ونسيان، وتارة يحكم المناوي على الحديث بالوضع مستدلا على ذلك بالنقل عن العلماء، كقوله عند حديث “النية الحسنة تدخل صاحبها الجنة” قال المناوي فيه عبد الرحيم الفارابي، قال الذهبي في الضعفاء متهم بالوضع، وفيه إسماعيل بن يحي بن عبيد الله، قال الذهبي كذاب عدم، ويوجه المناوي في شرحه حكم السيوطي على الحديث ويفسره مما يبين سببه والداعي إليه، كقوله عند حديث “آخر ما تكلم به إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل” ورمز السيوطي إلى الخطيب من حديث أبي هريرة، وقال غريب، والمحفوظ عن ابن عباس موقوف، وقال المناوي رحمه الله قوله غريب أي تفرد به حافظ.

ولم يذكره غيره، ورواه عنه أيضا الديلمي هكذا، وقوله والمحفوظ عن ابن عباس موقوف، أي المحفوظ عند المحدثين أنه موقوف على ابن عباس، أي غير مرفوع، لكن مثله لا يقال من قبل الرأي، فهو في حكمه، وهذا الموقوف صحيح، فقد أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ “كان آخر لفظ إبراهيم حين ألقي في النار” وهذا باختصار هو منهج المناوي في التعامل مع أحاديث الجامع الصغير للسيوطي، حيث يوافق ويعارض في الحكم على الحديث، وله في النقد عبارات فيها شيء من الشدة، غير أنها لا تخرج عن الأدب، كما أنه يبين مراد السيوطي في بعض الأحاديث مستدلا في ذلك بالنقل عن أهل العلم، فالجهد الذي بذله المناوي في هذا الكتاب جعله يتبوأ منزلة رفيعة بين شروح الجامع الصغير، ومن مؤلفاته تفسيره لسورة الفاتحة وبعض سورة البقرة.

وشرح على شروح العقائد للسعد التفتازاني سماه ” غاية الأماني” لم يكمل، وكتاب سماه إعلام الأعلام بأصول فن المنطق والكلام، وله مؤلفات أخرى كثيرة النفع، وقد أخذ عن هذا الشيخ الجليل خلق كثير منهم الشيخ سليمان البابلي والسيد إبراهيم الطاشكندي، والشيخ علي الأجهوري وتوفي رحمه الله تعالى بمصر صبيحة يوم الخميس الثالث والعشرين من صفر سنة إحدى وثلاثين وألف من الهجرة النبوية، وصلي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بالقبة التي أنشأها بجوار زاويته الكائنة بحي باب البحر فيما بين جامع الشيخ أحمد الزاهد والشيخ مدين الأشموني، وقيل في تاريخ وفاته مات شافعي هذا الزمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى