مقال

الدكروري يكتب عن رمضان آداب وإلتزام وقرآن ” جزء 6″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن رمضان آداب وإلتزام وقرآن ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكــروري

ونكمل الجزء السادس مع رمضان آداب وإلتزام وقرأن، حتى إنه لو قدر بالوهم سلب ذلك الأمر عنه لقد كان حاله أولا أكمل بالنسبة إلى حال ثانيا، فلم يبق إلا أن يكون ما لم يتصف أنقص مما هو متصف به، ولا يخفى ما فيه من المحال، فإنه كيف يتصور أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، والخالق أنقص منه، والبديهة تقضى برده وإبطاله، وقد وصف نفسه عز وجل وتقدست أسماؤه بأنه مريد فقال تعالى” فعال لما يريد” وقال سبحانه” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” وقال يريد الله أن يخفف عنكم إذا أراد أمرا فإنما يقول كن فيكون، ثم إن هذا العالم على غاية من الحكمة والإتقان والانتظام والإحكام، وهو مع ذلك جائز وجوده وجائز عدمه، فالذى خصصه بالوجود يجب أن يكون مريدا له قادرا عليه عالما به، فإن لم يكن عالما قادرا لا يصح منه صدور شيء.

ومن لم يكن عالما وإن كان قادرا لم يكن ما صدر منه على نظام الحكمة والإتقان، ومن لم يكن مريدا لم يكن تخصيص بعض الجائزات بأحوال وأوقات دون البعض بأولى من العكس، إذ نسبتها إليه نسبة واحدة قالوا وإذ ثبت كونه قادرا مريدا وجب أن يكون حيا، إذ الحياة شرط هذه الصفات، ويلزم من كونه حيا أن يكون سميعا بصيرا متكلما، فإن لم تثبت له هذه الصفات فإنه لا محالة متصف بأضدادها كالعمى والطرش والخرس على ما عرف في الشاهد، والبارئ سبحانه وتعالى يتقدس عن أن يتصف بما يوجب في ذاته نقصا، وأما عن القرآن الكريم، فإنه كلام الله عز وجل الذي لا تنقضي عجائبه، وقد تكفل الله تعالى بحفظه من التحريف والتبديل، فقال تعالى فى سورة الحجر ” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ” ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين.

ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، فمن علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة الطور ” أم يقولون تقولة بل لا يؤمنون، فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ” فلما عجزوا عن الإتيان بقرآن مثله خفف الله التحدي إلى عشر سور فقط فقال تعالى فى سورة هود ” أم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ” فعجزوا عن الإتيان بعشر سور مثله فخفف الله تعالى التحدى إلى أقل درجاته فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة.

من مثل سور القرآن الجليل فعجزوا فقال الله تعالى فى سورة يونس” أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ” وقال تعالى فى سورة البقرة ” وإن كنتم فى ريب مما نزلنا فأتوا بسورة مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ” وقد سمع هذا التحدي من سمع القرآن وعرفه الخاص والعام، ولم يتقدم أحد على أن يأتي بسورة مثله من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم وإلى قيام الساعة، والقرآن يشتمل على آلاف المعجزات، لأنه مائة وأربع عشرة سورة، وقد وقع التحدي بسورة واحدة، حتى لو أقصر سورة في القرآن الكريم وهى سورة الكوثر، وهي ثلاث آيات قصار، والقرآن الكريم يزيد بالاتفاق على ستة آلاف آية ومائتي آية، ومقدار سورة الكوثر من آيات أو آية طويلة على ترتيب كلماتها له حكم السورة الواحدة.

ويقع بذلك التحدي والإعجاز، ولهذا كان القرآن الكريم يُغني عن جميع المعجزات الحسية والمعنوية، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فعجز الإنس والجن عن أن يأتوا بمثلِه فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة ” فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ” و قوله تعالى “ولتكملوا العدة” فيه تأويلان أحدهما هو إكمال عدة الأداء لمن أفطر في سفره أو مرضه، والثاني هو عدة الهلال سواء كانت تسعا وعشرين أو ثلاثين، وقال جابر بن عبد الله قال النبى صلى الله عليه وسلم “إن الشهر يكون تسعا وعشرين” وفى هذا رد لتأويل من تأول قوله صلى الله عليه وسلم “شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة أنهما لا ينقصان عن ثلاثين يوما أخرجه أبو داود، وتأول جمهور العلماء على معنى أنهما لا ينقصان فى الأجر وتكفير الخطايا، سواء كانا من تسع وعشرين أو ثلاثين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى