مقال

لماذا قتل قسيس وفى هذا التوقيت ؟

جريدة الأضواء

لماذا قتل قسيس وفى هذا التوقيت ؟

أولًا: توصيف الجريمة :
فهى جريمة قتل على أساس طائفي ، أما ربطها بجريمة إعتداء أخرى فهو عبث بالعقول ووضع الرأس بالرمال هروباً من المسئولية.
لماذا لا يمكن ربط جريمة قتل القسيس بأي جريمة أخرى؟

وذلك بسبب اختلاف الدوافع والنتائج والمرجعية الفكرية .
فجريمة الإسكندرية مُمنهجة ومُنظمة ، كما أنها ليست جريمة قتل أساساً لغياب سابق المعرفة بين القاتل والقسيس ، وهذا سبب قانوني قد يُسقط عنصر السبق والاصرار فى توصيف الجريمة ، لذلك فهى قضية إرهاب و ترويع مواطنين آمنيين لعدة أسباب:
١- المقتول رجل دين مسيحى يتبع للكنيسة القبطية المصرية الوطنية ، التي تواجه هي وشعبها حربًا ضروسًا من الجماعات الإرهابية أصحاب التيار المتطرف ما يزيد على عشر سنوات بسبب موقفها السياسي ودعمها المستمر للدولة المصرية .

٢- جاء توقيت القتل فى الأسابيع الأخيرة من الصوم الكبير وهو توقيت مثالي لمثل هذه الجرائم وله أمثلة ومواقف كثيرة .

٣-القاتل يعتنق الأفكار المتطرفة ، والدليل ترديده لعبارات طائفية بعد ارتكابه للجريمة البشعة .

٤- ثبوت الإتفاق الجنائي بين شخصين لتنفيذ القتل ، فهى ليست عشوائية أو نتيجة إنفعال وقتي ، بل إن عنصر العمد والرصد والتخطيط متوفر في الجريمة ، حيث شارك القاتل شخص آخر طلب مساعدة مالية من الأب أرسانيوس ، وعندما كان يعطيه الأب المساعدة هاجمه القاتل بثلاث طعنات مُباغتة في الرقبة في منطقة مُحددة معروفة انها مُميتة .

٥- كما أن القتل بهذه الطريقة الإحترافية يتطلب التدريب لوقت طويل ، واغتيال القسيس بطريقة الذبح من العنق يُشير إلى أنها طريقة ممنهجة ومقصودة وتم تنفيذها مرات عديدة .

٦- التوقيت ومكان الجريمة ومكان الطعن وهوالشريان التاجي ، وأداة القتل ودقة التخطيط وأسلوب استدراج الضحية تؤكد استبعاد أى خلل عقلي أو نفسي عند القاتل أوشريكه ، فالغير عاقل لا يمكن أن يُميز أفعاله ، ولا يمكن أن يميز الزمان والمكان ، ولا يقوى على التخطيط بهذا الشكل وتلك الدقة ، لأن المضطرب نفسياً أو عقلياً لا يستطيع القتل حيث أن مشاعر الجبن تغلبه وتمنعه من ارتكاب الجريمة .

#ما الذي يمكن أن نستنتج من هذه الجريمة و والذي يجب أن نُحذر منه الدولة والمجتمع ؟
فالمجتمع المصري ملئ بنماذج كثيرة وخطرة لهذا القاتل قد تم إعدادها وتفخيخ المجتمع بها ، وبشكل منظم ، وتفخيخ المجتمع بهذه النماذج يهدف إلى استخدامها كقنابل موقوته لاحقا وبشكل عشوائي لتنفجر في التوقيت والمكان المناسبين .

ومع الوقت يتحور الفيروس الفكري ، الى ابعد ما يمكن ، فهو اليوم يقوم بذبح رجل دين مسيحي ، ومع الوقت يمكن أن يتطور الفيروس الداعشي إلى استهداف مدنيين على غير اساس ديني اوطائفي .

والخطورة هنا تكمن فى أنها قضية أمن قومي إذ يُصبح المواطن المصري القبطى أو غير القبطي مُستهدفاً و غير آمن على حياته في الشارع او مقر عمله أو بيته .

وهذا النموذج للإرهابي القاتل ربما يكون موجوداً يُمارس نفس الجريمة بصورة وظروف مختلفة ، ربما يكون جاراً أو زميلاً فى العمل أو سائق ميكروباص أو موظفاً فى هيئة حكومية ، أو مسئولاً فى منصب مرموق وحساس .
لقد استخدم القاتل سلاحاً وذبح إنساناً بريئاً وحرمه من حقه في الحياة على خلفية فكر داعشي متطرف .

لذلك يجب على الدولة بكل مؤسساتها مداهمة تلك الأفكار الطائفية الهدامة ، والتصدي بكل حزم لمروجيها ممن يستخدمون السوشيال ميديا ووسائل التواصل الإجتماعي وغيرها ، ومنعهم من العبث بعقول الشباب وطرح قضايا تكفير الآخر والألحاح فى ذلك الطرح الغير مفهوم بدلاً من نشر فكر وصور التسامح والتعايش مع الآخر ، ومن النماذج التى عبثت ومازالت تعبثُ بعقول الناس ما يُسمى بشيوخ الفضائيات وفتاوى التوك شو الذين لا هم لهم غير تحقيق أعلى نسبة متابعة ومشاهدة على حساب الأمن القومي المصري وأمن وأمان المواطن .

فالمنهج التقليدي في طرح و معالجة مثل هذه القضايا اصبح غير مقبول ويدعوا الى السخرية بما تحمله الكلمة من معاني ،
فوصف القاتل بالمختل عقليا أو مريض نفسي ، أو محاولة ربط جريمة قتل القسيس بالشيخ ، ورغم اختلاف الدوافع ، يعد خللاً وقصوراً فى فهم العقلية الداعشية وكيفية توجيهها واستغلالها فى الوقت والمكان المناسب من قبل أعداء الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى