مقال

الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الأحكام الفقهية للصيام، ومن الأبواب الملحقة بالصيام الاعتكاف والأحكام المتعلقة به، وأما عن أنواع الصوم من حيث الحكم الشرعى المتعلق به يشمل أنواعا متعددة، وقد ذكر الفقهاء تقسيمات متعددة، ومهما اختلفت هذه النقسيمات فهى لا تخرج عن قسمين بحسب تقسيم الحكم الشرعي أى باعتبار أن الصيام من حيث هو عبادة مشروعة يطلب في الشرع فعلها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، وقد يقتضى الشرع تركها على وجه الإلزام أو بغير إلزام، فالصوم إما أن يكون مما يطلب فعله أو تركه، فهذان قسمان وكل منهما إما على جهة الإلزام أو بغير إلزام، فهذه أربعة أقسام بحسب الحكم الشرعى، أما القسم الخامس وهو المباح فلا يدخل في الصوم لأنه عبادة والعبادة لا توصف بالإباحة، وعلى هذا التقسيم فالصوم إما أن يكون مما يطلب فى الشرع فعله على وجه الإلزام.

وهو أنواع أولها الصوم المفروض وهو صيام شهر رمضان أداء وقضاء، وصيام الكفارات، والصيام المنذور، ولا فرق بين الفرض والواجب واللازم والحتمى عند جمهور الفقهاء، فهى كلها ألفاظ مترادفة بمعنى واحد، خلافا للحنفية حيث أنهم فرقوا بين الفرض والواجب، وعلى كل الأحوال فهذه الأنواع من الصيام الذى يطلب فعله على وجه الإلزام، وإن كان الصيام مما يطلب فى الشرع فعله لا على وجه الإلزام فهذا قسم ثان من أقسام الصوم، وهو الصوم المسنون ويشمل جميع أنواع صوم التطوع وأنواعه كثيرة، مثل: صوم يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر المحرم، ويتأكد معه صيام يوم قبله أو بعده، والصوم فى شهر المحرم وصوم ست من شوال، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر وغير ذلك من أنواع صوم التطوع، ويتضمن أيضا صوم النفل المطلق.

والقسم الثانى من أقسام الصيام هو ما اقتضى الشرع تركه وهو الصوم المنهى عنه إما على وجه الإلزام وهو الصيام المحرم بمعنى المنهى عنه فى الشرع لذاته، نهيا يقتضى إثم فاعله، وهو صيام يومى عيد الفطر وعيد الأضحى، وأيام التشريق الثلاثة، ويدخل فى هذا القسم كل ما يترتب عليه إثم فاعله مثل صوم الحائض عمدا بقصد الصوم، ويشمل أيضا الصوم المكروه كراهة تحريم مثل صوم يوم الشك، وإما أن يكون مما اقتضى الشرع تركه لا على جهة الإلزام وهو المكروه تنزيها مثل صوم يوم عرفة للحاج، وإفراد صوم يوم الجمعة، وأما عن أركان الصوم أى أجزاء ماهية الصوم التي لا يصح إلا بها، وهى الإمساك، فالصوم فى حقيقته هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإن نية الصوم ركن من أركان الصيام عند المالكية والشافعية.

ورجح بعض الفقهاء أن النية هى شرط من شروط الصوم وفى الحالين فإن نية الصوم لازمة شرعا باتفاق جمهور الفقهاء، سواء على القول بأنها ركن أو شرط، والمعنى أن الصوم لا يصح إلا بالنية، وأضاف بعض الفقهاء ركنا ثالثا من أركان الصوم وهو الصائم أى الشخص باعتبار أنه لا يعقل الصوم الشرعي إلا بفاعل وهو الصائم، وأما عن شروط الصوم وهى شروط وجوب الصوم، وشروط صحته، ومنها شروط للوجوب والصحة معا، وشروط صحة الأداء، وشروط الصيام عموما وهى البلوغ، والعقل، والإسلام، والقدرة أى إطاقة الصوم، والصحة، والإقامة، فلا يجب صوم المريض ولا الصوم في السفر، بل يجوز للمسافر الإفطار في رمضان، ولا يجب الصوم على من لا يقدر عليه، ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مميز، ويشترط النقاء من الحيض والنفاس.

والعلم بالوقت القابل للصوم فيه، كما أن النية لازمة للصوم فلا يصح إلا بها، وهناك تفاصيل أوفى في كتب علم فروع الفقه، وأما عن مبطلات الصوم أو مفسدات الصوم، والفاسد والباطل في العبادات بمعنى واحد، ضد الصحيح، والذى يبطل به الصوم بمعنى ما يكون به الصوم غير صحيح، وإذا بطل الصيام فى يوم من صوم شهر رمضان، خاصة لمن لا رخصة في الإفطار لزمه بعد بطلان صومه الإمساك بقية اليوم لحرمة الوقت، والقضاء بعد ذلك، وأما المعذور الذى يباح له الفطر كالمريض فلا يلزمه الإمساك، ويحرم تعمد الاستمرار في الإمساك بنية الصيام على من يحرم عليه الصيام كما في صوم الحائض، ومبطلات الصوم أى المفطرات هى ما وصل عمدا إلى الجوف مثل الأكل والشرب، وما هو بمعنى الأكل والشرب، حال العمد والعلم والاختيار، فيبطل الصوم بما وصل عمدا إلى مسمى جوف، كالحلق والبطن والدماغ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى