مقال

العراق بين الواقع والتحول: 

جريدة الاضواء

العراق بين الواقع والتحول:

أ . د . سامي الزيدي

 

ليس بالغريب القول ان العراق منذ قيام ثورة ١٩٥٨ اتجه نحو صوب المعسكر الاشتراكي كبداية لتحول اقتصادي جديد اعتقد اصحابه انه السبيل لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة . وقد أستمر الحال حتى سقوط نظام البعث عام ٢٠٠٣ ، لتبدأ مرحلة جديدة من التحول الى النظام الراسمالي الذي عملت امريكا الى جعله نظاما أقتصاديا لمستقبل العراق لذا عملت جهدها لايجاد اصحاب ثروات مالية كبيرة يستند عليها النظام الجديد . وبما ان العراق لم يكن لدى مجتمعة تلك الطبقة الثرية التي ممكن الاعتماد عليها لتدعيم التحول الجديد لذا عملت على خلق تلك الطبقة الاجتماعية معتمدة على الفوضى في كل مفاصل الحياة وبالخصوص الفوضى المالية وترك المال سائبا والعمل على ايجاد وسائل وآليات لتشجيع الفساد وتكوين طبقة فاسدة تستطيع ان تكون بديلا عن الطبقة التقليدية ممكن الاعتماد عليها مستقبلا لتدعيم مشروع التحول الاقتصادي . ولما كان العراقي في الماضي يعيش على راتبه الشهري في ادارة اموره المالية وعدم قدرته على امتلاك الاموال التي تساهم في تطبيق المشروع لذا عملت الادارة المحتله على خلق موظف فاسد لا يعي لعمله وكفاءته بقدر ما يسعى الى جمع المال والسباق مع الاخرين في تكوين الثروة من خلال المشاريع وفتح منافذ للفساد وترك المال منسابا دون رقابة صارمة .

كما عملت على خلق تجارا ومقاولين وهمين من لا شيء اوكلت لهم مشاريع. باموال تحقق لهم ارباح طائلة سعيا وراء تراكم ثروات بيد اشخاص ممكن ان يعول عليهم في قادم السنوات على تكوين النظام الراسمالي في العراق .

 

ومن ملامح التحول :

١ – ظهور طبقة في المجتمع تمتلك المليارات لم تكن سابقا من الاغنياء والاثرياء . اخذت تعمل على فتح مشاريع وتوسيع مقدار ثرواتها .

٢ – ايقاف المصانع الحكومية ومحاولة دمج موظفيها في الدوائر الخدمية والعمل على تحديد نفقات الموازنة في حدود التشغيل والاستثمار والتي هي رواتب الموظفين والخدمات وهذا ملمح مهم من ملامح التحول من النظام الاشتراكي الى الراسمالي . وعدم مسؤولية الدولة في فتح المصانع وانجاز مشاريع صناعية تمتلك الدولة رؤوس اموالها وممكن ان تتدخل الدولة في دعم المشاريع الصغيرة وتقديم التسهيلات لاصحابها . لذا نجد التعطيل المتعمد للمصانع وعدم انشاء محطات التوليد الكهربائية لانها جزءا من التحول القادم الذي يمكن للاصحاب رؤوس الاموال القيام به.

٣. العمل على بروز الطبقة الجديدة مستقبلًا والدفع بها نحو التحكم بمصدر القرار وتفريغ العراق من الزعامة الدينية والعائلية وانهاء زمن الزعامات والرموز والولاء على اساس الحزب والقداسة وتحويل اتجاه ابرة البوصلة نحو المال والاقتصاد ليكون المتحكم في صناعة القرار هو رأس المال وليس الولاء . والذي سوف يسعى نحو اتخاذ قرارات تحقق له الحماية التامة لامواله ومشاريعه فهو سوف يسعى الى بناء نظام قوي هادئ يسوده الامن والاستقرار خوفا على مصالحه . كما يسعى الى عقد تحالفات واتفاقيات تجنبه الحرب .

٤ – سعي امريكا الى أبعاد العراق من تأثيرات المعسكر الاشتراكي لكون العراق البلد المهم في منطقة الشرق الاوسط واستخدام الوسائل الكفيلة بعدم التوجه صوب دول روسيا والصين تمهيدا لجعله يدور في محور المعسكر الراسمالي بغية تحقيق مصالح مستقبلية .

 

من آثار التحول:

١ – ازدياد اعداد العاطلين عن العمل لعدم وجود إستثمارات على مستوى القطاع الخاص. مما شكل عبء على ميزانية الدولة التشغيلية .

٢ – عدم وجود رؤوس أموال كبيرة تمتلك خبرة وقدرة على فتح مشاريع كبيرة لتشغيل العاطلين . لكونها ما زالت فتيه وجبانة لا تمتلك القدرة والجرأة على المجازفة .وما زالت مشاريعها لا ترقى الى مشاريع النظام الراسمالي .

٤ – عدم وجود ثقة حقيقية لدى اصحاب المال في قدرتهم على بناء اقتصاد قوي لان التجربة قليلة ولان نشوء الطبقة لم يكن نشوء طبيعيًا . كما ان الكثير منهم ما زال يؤمن بالرمز والانتماء والولاءات ولا يمتلك الشجاعة فًي الاقتراب من القرار السياسي انما يغازله حفاظا على بقاءه .

 

الحلول :

– يمكن للدولة معالجة الاثار بفتح شركات ومصانع مساهمة تدخل الحكومة فيها كشخص بعد ان تعرض اسهمها الى التجار وأصحاب المال كخطوة مهمة في تخطي عقبة الجمود وتشغيل الاموال المجمدة لدى الناس . ثم تقوم الدولة بعد ذلك بالتخلي عن اسهمها ببيعها الى اصحاب الاموال. وهذا سوف يحقق قطاعا خاصا قويا وفاعلا يمكن له ان يمتص البطالة ويحرك سوق العمل ويضمن للدولة استمرار مشروع التحول .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى