مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن الصلاح ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن الصلاح ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام إبن الصلاح هو تقي الدين أبو عمرو عثمان ابن المفتي صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردی الشهرزوري الموصلي الشافعي المعروف بإبن الصلاح، وهو أحد علماء الحديث تفقه على والده المعروف بشهرزور، ثم اشتغل بالموصل مدة ودرس بالمدرسة الصلاحية ببيت المقدس مديدة، فلما أمر بهدم سور المدينة، نزح إلى دمشق، فدرس بالرواحية مدة عندما أنشأها الواقف، فلما أنشئت الدار الأشرفية صار شيخها، ثم ولي تدريس الشامية الصغرى، وتفقه الإمام إبن الصلاح على والده بشهرزور ثم قام برحلات في بلاد العالم الإسلامي لطلب العلم، وسمع من عبيد الله بن السمين، ونصر بن سلامة الهيتي، ومحمود بن علي الموصلي، وأبي المظفر بن البرني، وعبد المحسن بن الطوسي، ورحل إلى بغداد وسمع من أبي أحمد بن سكينة.

وأبي حفص بن طبرزذ، وطبقتهما هناك وسمع من أبي الفضل بن المعزم بهمدان، ورحل إلي نيسابور وسمع من أبي الفتح منصور بن عبد المنعم ابن الفراوي، والمؤيد بن محمد بن علي الطوسي، وزينب بنت أبي القاسم الشعرية، والقاسم بن أبي سعد الصفار، ومحمد بن الحسن الصرام، وأبي المعالي بن ناصر الأنصاري، وأبي النجيب إسماعيل القارئ، وطائفة، ثم رحل إلى الشام فسمع من أبي المظفر ابن السمعاني بمرو، ومن أبي محمد ابن الأستاذ وغيره بحلب ومن الإمامين فخر الدين ابن عساكر وموفق الدين ابن قدامة، وعدة حيث عاش في دمشق، ومن الحافظ عبد القادر الرهاوي بحران، وتتلمذ على الإمام كمال الدين بن يونس فدس عليه شيئا من المنطق، ولم يكن محدثا فقط، وقال عنه ابن خلكان كان أحد فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال.

وما يتعلق في علم الحديث ونقل اللغة وكانت له مشاركة في فنون عديدة وكانت فتاويه مسددة وهو أحد أشياخي الذين أنتفع بهم، ومن فتاويه أنه سئل عمن يشتغل بالمنطق والفلسفة فأجاب الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة، ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين، ومن تلبس بها، قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلي الله عليه وسلم إلى أن قال واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة، والرقاعات المستحدثة، وليس بالأحكام الشرعية ولله الحمد افتقار إلى المنطق أصلا، هو قعاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن، فالواجب على السلطان أعزه الله أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم.

ومن أعماله هو علوم الحديث أو معرفة أنواع علم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح، وأدب المفتي والمستفتي، وفوائد الرحلة، وصيانة صحيح مسلم، والأمالي، والفتاوى جمعه بعض أصحابه، وشرح الوسيط في فقه الشافعية، وصلة الناسك في صفة المناسك، وأحاديث في فضل الإسكندرية وعسقلان، ووصل بلاغات الموطأ ابن الصلاح، وطبقات الفقهاء الشافعية، والمؤتلف والمختلف في أسماء الرجال، وأما عن كتاب مقدمة ابن الصلاح فهو من أهم كتب علم الحديث ويسمى معرفة أنواع علوم الحديث، وقد اعتنى ابن الصلاح بكتاب معرفة علوم الحديث لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري فأقرأه في دار الحديث، وأملى عليه حواش وتعليقات، وتصويبات واستدراكات، وبالغ في العناية بهذا الكتاب فوقف على روايات ولم تقف عناية ابن الصلاح وتأثره بكتاب الحاكم حد الرواية والتدريس.

بل تجاوز ذلك إلى حد التأثر في ما يورده من مواد، بل وفي تسمية كتابه، فإن كتاب مقدمة ابن الصلاح هذا قد ثبت اسمه بعض النسخ المخطوطة ومنها نسخة الحافظ ابن عبد الرحيم العراقي معرفة علوم الحديث، وكتاب ابن الصلاح عمدة في هذا الباب، لا يحصى كم مشتغل به، ما بين شارح ومختصر، ومنكت ومقرر، وهو في الحقيقة قد اعتمد في كتابه هذا على معرفة علوم الحديث اعتمادا كبيرا جدا، وله العذر في ذلك فهو يرى الحاكم أهلا للاقتداء في التأليف، والاتساء في المنهج، ولقد استقى منهجه في تأليف المقدمة من الحاكم، لكنه نقح وهذب، وتلافى ما زل فيه الحاكم وتعثر، فلذلك ذاع كتابه وانتشر، وقال عنه الإمام ابن حجر فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى