مقال

الدكروري يكتب عن الإمام محمد عبده ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام محمد عبده ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام محمد عبده، وفى سنة ألف وثماني مائة وخمس وتسعين ميلادي، تم تعيين محمد عبده مستشارا فى محكمة الاستئناف، ثم فى سنة ألف وثماني مائة وتسع وتسعين ميلادي، تم تعيينه مفتى الديار المصرية، ثم بدأت علاقته بالخديوى عباس حلمي تتوتر, و بدأت الدسايس تفتعل ضده و بدأت الجرائد تهاجمه, فاضطر فى تلك الظروف ان يستقيل من الازهر سنة ألف وتسعمائة وخمسه ميلادي، ثم مرض حتي توفاه الله وكان ذلك فى الاسكندريه في اليوم الحادي عشر من شهر يوليه سنة الف وتسعمائة وخمسة ميلادي، وكان من مؤلفات محمد عبده هي رسالة التوحيد، والاسلام والنصرانية مع العلم والمدنية، وكانت من كلماته التي قادته إلي السجن والمنفي أنه قال “أعوذ بالله من السياسة من لفظها ومعناها وحروفها ومن كل أرض تذكر فيها.

 

ومن كل شخص يتكلم أو يتعلم أو يجن أو يعقل فيها، ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس” وتلك إحدى صرخات الإمام محمد عبده الغاضبة ضد السياسة التي قادته الي السجن والمنفي وقادت وطنه إلي الاحتلال البريطاني عام ألف وثماني مائة واثنين وثمانين ميلادي بعد هزيمة احمد عرابي في معركة التل الكبير، حيث لم يكن الامام محمد عبده مؤيدا، لثورة عرابي منذ البداية، وكان من أنصار التدرج في الاصلاح، وعندما قال له عرابي في مناقشة بينهما إن الوقت قد حان للتخلص من الاستبداد رد عليه الإمام قائلا علينا أن نهتم بالتربية والتعليم بضع سنين وأن نحمل الحكومة علي العدل بما تستطيع ولو فرض أن البلاد مستعدة لان تشارك الحكومة في إدارة شئونها، فطلب ذلك بالقوة العسكرية غير مشروع وأري أن الشغب قد يجر الي البلاد احتلالا أجنبيا.

 

يستدعي تسجيل اللعنة بسببه الي يوم القيامة فتبسم احمد عرابي ابتسام الساخط كما يذكر الامام في مذكراته وقال أبذل جهدي في ألا أكون مورد هذه اللعنة، ولكن رغم هذا الموقف من الثورة إلا أنه إزاء تدفق الاحداث لم يستطع الإمام محمد عبده وهو المصري الغيور إلا أن يأخذ صف الثورة العرابية وبعد أن فشلت دفع الثمن غاليا واتهم بالتآمر وحكم عليه بالسجن ثم النفي ثلاث سنوات فاختار بيروت ورحل إليها سنة ألف وثماني مائة وثلاث وثمانين ميلادي، ثم دعاه أستاذه جمال الدين الأفغاني للحاق به في باريس وعملا علي تأسيس جمعية وصحيفة العروة الوثقي لمكافحة التسلط الأجنبي والطغيان الداخلي وتخليص مصر من الاحتلال، وكان الأفغاني هو أهم الشخصيات التي غيرت مصير ومسيرة الإمام محمد عبده، فلم يكن الإمام سعيدا بدراسته في الأزهر.

 

الذي قضي فيه ثلاث سنوات دون أن يجني منه أي فائدة فتركه بعد أن كره التعليم والمصطلحات النحوية والفقهية التي كان المدرسون يفشلون في شرح معانيها فيقول الإمام هربت من الدروس واختفيت عند أخوالي مدة ثلاثة أشهر حتي عثر علي أخي، وأراد إكراهي علي العلم فرفضت وعدت إلي بلدتي محلة نصر بالبحيرة وتزوجت علي هذه النية وكان عمره ستة عشر سنة، وبعد أن تزوجت بأربعين يوما جاءني والدي صحوة نهار وألزمني الذهاب إلي طنطا وطلب العلم، ولكنني ذهبت إلي بلدة أخوال أبي لألعب وألهو مع شباب القرية وكنت معروفا بالفروسية واللعب بالسلاح، فقابلت الشيخ درويش أحد أخوال أبي الذي قرأ علي بعض معارف الصوفية وآداب النفس وترويضها علي مكارم الأخلاق، فأخرجني هذا الشيخ من حجم الجهل إلي فضاء المعرفة.

 

ومن قيود التعليم إلي اطلاق التوحيد، وهذا الرجل كان مفتاح سعادتي إن كانت لي سعادة في هذه الحياة الدنيا، وذهبت إلي طنطا قرب آخر السنة الدراسية، وهناك رأيت شخصا ممن يسمونهم المجاذيب قال ما معناه ما أحلي حلاوة مصر البيضاء، فقلت له وأين الحلوي التي معك؟ قال سبحان الله من جد وجد، ثم انصرف فعددت ذلك إلهاما ساقه الله ليحملني علي طلب العلم في مصر دون طنطا، وذهبت للأزهر وداومت علي طلب العلم من شيوخه مع محافظتي علي العزلة والبعد عن الناس حتي كنت أستغفر الله إذا كلمت شخصا لغير ضرورة، وكنت كلما ذهبت لبلدتي أجد الشيخ درويش سبقني إليها وكل سنة يسألني هل درست المنطق أو الهندسة والحساب؟ فأقول له هذه العلوم غير معروفة بالازهر، فيقول طالب العلم لايعجز عن تحصيله في أي مكان وكنت أعود للقاهرة التمس هذه العلوم في أي مكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى