مقال

الدكروري يكتب عن الإمام العجلي ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام العجلي ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام العجلي، وزينب هذه ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وقيل إنها ولدت في أرض الحبشة وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمها وهي ترضعها، وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة سنة ثلاث أو أربع من الهجرة، وهذا يعني أن عمر زينب عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من سبع سنين، ولم يذكرها العلائي في جامع التحصيل، وقد علق الهيثمي على قول العجلي هي ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وروت عنه، وقال ابن حجر في الإصابة ذكرها العجلي في ثقات التابعين، كأنه كان يشترط للصحبة البلوغ ، وعبد الله بن عياش بن أبى ربيعة المخزومي، قال ابن حجر هو صحابي شهير ولد بأرض الحبشة، إذ هاجر أبوه إليها، وقال ابن حبان أنه أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين.

 

وقال العجلي هو مدني تابعي ثقة، وكأني بالأئمة رحمهم الله أنهم نظروا إلى القضية من زاويتين، فمن اعتبر شرف اللقاء والرؤية ولو كانت في الصغر أو كانت بدون سماع أثبت لهم الصحبة، لأنهم قد حصل لهم من الفضل ما لم يحصل لمن بعدهم، ومن لاحظ جانب الرواية ورأى أنهم لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يحفظوا عنه فروايتهم مرسلة، لم يعدهم من الصحابة، فمنهم من اكتفى بنفي الصحبة وإثبات الرؤية، ومنهم من جزم بإطلاق القول عليهم بأنهم تابعون، ومنهم العجلي رحمه الله، كما ظهر من بعض الأمثلة التي سقناها وغيرها كثير في الكتاب، ولما كان الصحابة كلهم عدول عند جمهور الأمة، فإنه لا يسأل عنهم ولا تستعمل فيهم كلمات التعديل والتوثيق كغيرهم من الرواة، فإنهم معدلون بتعديل الله ورسوله، ولذلك فالإمام العجلي يكتفي في ذكرهم بأنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وأحيانا يذكر شيئا من مناقبهم، فمثلا في باب السين قال بأن سعد بن عبيد الأنصاري، هو مدني من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم القادسية، وبعده بترجمة واحدة ذكر سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه، فذكر نسبه ثم قال شهد بدرا، ويكنى أبا إسحاق، جمع له النبي صلى الله عليه وسلم أبويه رضي الله عنه، وكان أول من رمى بسهم في سبيل الله، وافتتح القادسية واختط الكوفة وكان أميرا عليها، وأما عن كبار التابعين، فكثيرا ما يستعمل الإمام العجلي هذا الوصف في أقواله، ولكنه لم يذكر الفارق الأساسي الذى يميز به بين كبار التابعين وصغارهم، والمعروف في كتب هذا الفن أن كبار التابعين هم الذين رووا عن كبار الصحابة، وكثيرا ما يذكر الإمام العجلي في كبار التابعين، الأطفال والصغار الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغرهم قبل أن يبلغوا سن التمييز.

 

أو قبل سن البلوغ أو رأوه كبارا لكن لم يسمعوا منه، أو ممن ولدوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والغالب أنهم حملوا إليه صلى الله عليه وسلم في صغرهم على عادة الصحابة، فمثلا عاصم بن عمر بن الخطاب، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال العجلى لم يكن له صحبة، وهو مدني تابعي ثقة، من كبار التابعين، وأيضا أبو الطفيل عامر بن واثلة، قال العجلي عنه هو مكي ثقة، وكان من كبار التابعين والأمثلة على هذا كثيرة، وأحيانا يذكر العجلي أمثال هؤلاء دون أن يصفهم بأنهم من كبار التابعين، فمثلا جارية بن قدامة التميمي، قال ابن حجر فيه صحابي على الصحيح، بينما قال العجلي بأنه بصري تابعي ثقة، وأيضا جعدة بن هبيرة المخزومي، قال فيه ابن حجر صحابي صغير له رؤية، وقال العجلى بأنه تابعي مدني ثقة، وأمثلة هذا أيضا كثيرة في الكتاب.

 

وبعد كبار التابعين تأتي طبقة متوسطي التابعين وصغارهم، ولكن العجلي لا يفرق بينهم، وأما من كان من أتباع التابعين أو بعدهم، فلا يذكر العجلي شيئا عن طبقاتهم، بل يكتفي ببيان مرتبتهم من حيث العدالة والجرح، إلا إذا كان بمناسبة، فمثلا سئل في ترجمة مطر بن طهمان هل هو تابع أم لا ؟ فقال لا، وأما عن المخضرمون وهم الذين أدركوا الجاهلية قبل البعثة، أو بعدها صغارا كانوا أو كبارا، في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يره بعد البعثة أو رآه، لكن غير مسلم وأسلم في حياته أو بعده، بل يعتبرون من كبار التابعين، والإمام العجلى لم يستعمل كلمة مخضرم في كتابه، ولكنه استعمل كلمة جاهلي في عدة تراجم، كالأسود بن هلال المحاربي قال فيه هو ثقة وكان جاهليا من أصحاب عبد الله، وكان رجلا صالحا والأسود بن يزيد هو كوفي تابعي ثقة جاهلي، وشقيق بن سلمة قال هو رجل صالح جاهلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى