مقال

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 4″

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع فضل العشر الأواخر من رمضان، وتطلق العشر على الأيام مع ليالها، فقال الله تعالى ” وليال عشر” وتبدأ العشر الأواخر من ليلة الحادى والعشرين من شهر رمضان بغض النظر أكان تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين، وأما عن الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان وردت عدة أقوال، فى تحديد الوقت الذي يبدأ به الاعتكاف فى العشر الأواخر من شهر رمضان، وبيان أقوالهم هو القول الأول، أنه قال جمهور العلماء، ومنهم أئمة المذاهب الفقهية الأربعة بأن وقت الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان يبدأ منذ اليوم العشرين من الشهر قبيل غروب شمسه أى ليلة الحادى والعشرين، وقد استدل أصحاب هذا القول بما ورد في السنة النبوية، من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، إذ قالت ” كان النبى صلى الله عليه وسلم يعتكف فى العشر الأواخر من رمضان”

 

والعشر تبدأ بغروب شمس ليلة الحادى والعشرين، أما ما رُوى عن النبى عليه الصلاة والسلام من أنه دخل معتكفه بعد صلاة الصبح، فمحمول على استئناف الاعتكاف بعد قطعه لأداء صلاة الصبح، كما بيّن الإمام النووى رحمه الله، وأما عن القول الثانى، فقال كل من الليث، والثورى، والأوزاعى بأن الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان يبدأ بعد صلاة فجر اليوم الحادى والعشرين، وذلك استدلالا بما رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” كان النبى صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه” ويمكن للمسلم استغلال العشر الأواخر، ونيل الأجور العظيمة فيها من خلال العديد من العبادات والطاعات، وهو مضاعفة الجهد فى أداء مختلف الطاعات لتحصيل الأجر العظيم، والتوسعة على النفس، والأهل، والجيران.

 

إذ يستحب للمسلم في العشر الأواخر الإحسان إلى أرحامه، وجيرانه، وتلاوة القرآن، ومذاكرته، والتواصى به بين المسلمين، والحرص على ترديد الدعاء المأثور في ليلة القدر، فقد أرشد كان النبى صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي الله عنها إلى الدعاء فى العشر الأواخر من رمضان، وتحديدا في ليلة القدر بطلب العفو والمغفرة من الله سبحانه وتعالى، فقالت رضى الله عنها” يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو قال تقولين اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى” وعدم تضييع الأيام العشرة الأخيرة من رمضان باللهو والغفلة إذ إنها أيام خير، وبِر، وعبادة لا بد أن يغتنمها المسلم بالعبادة والطاعات، وإعانة الأهل على العبادة والطاعة، وتشجيعهم على ذلك، فلا بد للمسلم من أن يعين زوجته وأبناءه على اغتنام تلك الليالى بحثهم على الاجتهاد بالعبادة فيها.

 

وتهيئة بيئة مناسبة للطاعات من ذكر، وتلاوة للقرآن، وتجنب الشهوات والملذات، لتحقيق الصفاء الروحى للنفس، وتفريغها للطاعة والعبادة، والحرص على الاعتكاف في بيوت الله، وتخصيص مكان للاعتكاف بعيدا عن مخالطة الناس، إذ رُوى أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يوما فى العام الذى قبض فيه، وكذلك الحرص على أداء الصدقة في العشر الأواخر إذ إن الصدقة فى شهر رمضان أفضل من الصدقة فى غيره من الشهور بسبب تفاضل الأزمان، كما أن الصدقة فى العشر الأواخر أفضل مما سواها، وذلك لما ورد من تفضيل العمل والعبادة فيها، وخاصة فى ليلة القدر التى تعد خيرا من ألف شهر، وكان النبى صلى الله عليه وسلم أكثر أداء للصدقة في رمضان، وكان السلف الصالح رضى الله عنهم يجتهدون فى العشر الأواخر من رمضان ولياليها.

 

فكان حرصهم على الاغتسال والتطيب فى الليالى العشر المباركة، فقد كان النخعى يغتسل فى كل ليلة من الليالى العشر، كما روى أن أيوب السختياني كان يغتسل، ويتطيب، ويرتدى الثياب الجديدة ليلة الثالث والعشرين، والرابع والعشرين من رمضان، وقد رُوى عن الصحابى أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يغتسل ويتطيب إذا حضرت ليلة الرابع والعشرين، وقد نقل ذلك الفعل أيضا عن ثابت البنانى، وحُميد الطويل إذ كانا يتخيران لبس أحسن الثياب فى تلك الليالى، كما جاء عن ثابت أن تميم الدارى اشترى ثوبا بألف دينار خصصه لليلة القدر، لا يلبسه فى غيرها، وأيضا إيقاظ الأهل لأداء العبادات والطاعات، فقد رُوى عن سفيان الثورى أنه كان يوقظ أهله لقيام العشر الأواخر، إذ قال فى ذلك “أحبّ إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجَّد بالليل، ويجتهد فيه، وينهض أهله وولده للصلاة إن أطاقوا ذلك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى