مقال

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 8″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 8″

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثامن مع فضل العشر الأواخر من رمضان، وكما جاء في حديث أبى سعيد الخدرى، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء فى رواية عبد الله بن أنيس رضى الله عنه، وفى حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال” التمسوها في العشر الأواخر من رمضان فى تاسعة تبقى، فى سابعة تبقى، فى خامسة تبقى” رواه البخارى، ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست فى ليلة معينة كل عام، وقال النووي رحمه الله “وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة فى ذلك، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها” وإنما أخفى الله تعالى هذه الليلة ليجتهد العباد في طلبها، ويجدّوا في العبادة، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها، فينبغي للمؤمن أن يجتهد فى أيام وليالى هذه العشر طلبا لليلة القدر، اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم.

 

وأن يجتهد فى الدعاء والتضرع إلى الله، وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت، قلت يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال صلى الله عليه وسلم، قولى “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنى” رواه الإمام أحمد، والترمذى، وابن ماجة، فيجب اختصاص الاعتكاف فيها بزيادة الفضل على غيرها من أيام السنة، والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف هذه العشر كما جاء فى حديث أبى سعيد أنه اعتكف العشر الأول ثم الوسط، ثم أخبرهم انه كان يلتمس ليلة القدر، وانه أريها فى العشر الأواخر، وقال “من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده” رواه البخارى ومسلم.

 

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه كما جاء في الصحيحين من حديث السيده عائشة رضى الله عنها، وقال الأئمة الأربعة وغيرهم رحمهم الله يدخل قبل غروب الشمس، وأولوا الحديث على أن المراد أنه دخل المعتكف وانقطع وخلى بنفسه بعد صلاة الصبح، لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف، ويسن للمعتكف الاشتغال بالطاعات، ويحرم عليه الجماع ومقدماته لقوله تعالى فى سورة البقرة “ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد” ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها، وأما عن العلامات التي تعرف بها ليلة القدر، فإن العلامة الأولى هو ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبيّ بن كعب رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من علاماتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها” رواه مسلم.

 

وأما العلامة الثانية فقد ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ليلة القدر ليلة طلقة، لا حارة ولا باردة ، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة” والعلامة الثالثة كما روى الطبراني بسند حسن من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “ليلة القدر ليلة بلجة ” أى مضيئة ” لا حارة ولا باردة، لا يرمى فيها بنجم ” أى لا ترسل فيها الشهب ” فهذه ثلاثة أحاديث صحيحة فى بيان العلامات الدالة على ليلة القدر، ولا يلزم أن يعلم من أدرك وقامها ليلة القدر أنه أصابها، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص، سواء علم بها أم لم يعلم، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى، وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم، ولقد كان للعشر الأواخر من رمضان عند النبى صلى الله علية وسلم وأصحابه أهمية خاصة.

 

ولهم فيها هدى خاص، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصا فيها على الطاعة، والعبادة والقيام والذكر، وكان من أهم هذه الأعمال هو أحياء الليل، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر” ومعنى إحياء الليل أي استغرقه بالسهر فى الصلاة والذكر و غيرهما، وقد جاء عند النسائى عن السيدة عائشة رضى الله عنها أنها قالت “لا اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله فى ليلة ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهرا كاملا قط غير رمضان” فعلى هذا يكون أحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء فى بعض طرق الحديث، وقيام الليل فى هذا الشهر الكريم وهذه الليالى الفاضلة لاشك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء، حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى