مقال

الدكروري يكتب عن الصدق المذموم ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصدق المذموم ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الصدث المذموم، والمفتي لا يهتدي إلى ما فيه براءة ذمته إلا إذا كان صادقا مع الله تعالى ظاهرا وباطنا، وهكذا التاجر في تجارته، والعامل في صنعته، والكاتب في كتابته، والإعلامي في إعلامه، وهكذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ” من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه “رواه مسلم، ومن الأمور التي يكون فيها التصديق له أجر عظيم، تصديق المؤذن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه ” رواه أحمد، وكذلك من الأمور المهمة أن القاضي ينبغي أن يتحرى صدق أصحاب الأقوال، وأن المدعين لا يجوز لهم أن يكذبوا، وبعض المدعين قد يخدعون القاضي.

 

فيوهمونه بقول الصدق وهم يكذبون فلا يحسب هؤلاء أنهم قد نجوا أو غنموا شيئا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، سمع مرة خصومة بباب حجرته فخرج إليهم فقال إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض في الكلام بلاغة وفصاحة فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها “رواه البخاري، وكذلك الطيرة من الشرك، ولكن أصدق الطيرة الفأل كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم “أصدق الطيرة الفأل فالطيرة تشاؤم وهو حرام، أما التفاؤل فهو أصدقها وهو مباح وجائز، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ينبغي أن يستعمل لمعرفة الصدق الأدلة وأقوال الثقات، فلو أخبر إنسان بشيء، فنأتي بالشهداء المعروفين بالصدق، فإن أقروا ما قاله قبل قوله، كما قال البخاري رحمه الله.

 

“باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض، أي لو أن امرأة طلقها زوجها فعدتها ثلاث حيض، فلو حاضت في شهر ثلاث حيض تخرج من العدة، لكن ينبغي أن تثبت أنها حاضت في الشهر ثلاث حيض، ولذلك قال ولا يصدّق النساء في الحيض والحمل فيما يمكن من الحيض، لقوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله فى أرحامهن ” ويذكر عن علي وشريح “أن امرأة جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه أنها حاضت ثلاثا في شهر فصُدّقت، وقال عطاء “أقراؤها ما كان” وبه قال إبراهيم” رواه البخارى، إذن، بعض أهل العلم يأخذون بذلك لكن بشرط أن تثبت هذا ممن يعرف حقيقة أمرها من الثقات، ولكن قيل أن هناك مسألة وهى أنها لو أنها أخذت دواء لإنزال الحيض، ثم أخذت دواء لرفعه، ثم أخذت دواء لإنزاله، ثم أخذت دواء لرفعه، ثم أخذت دواء لإنزاله.

 

ثم أخذت دواء لرفعه، هل تخرج من العدة؟ فإن الإجابه لا، لأن هذا تلاعب وتحايل واضح جدا، وكذلك فإن الإنسان المسلم إذا اشتبه عليه أمر أخيه المسلم، فإن جاءه عنه خبر، فإنه يحمل أمر أخيه على أحسنه، وإذا كان هذا الأخ معروفا بالصدق قبلناه، والناس الذين وشوا به وتكلموا عنه إذا كانوا من المجهولين لا نقبل كلامهم، وقد جاء أناس ادعوا على الصحابى الجليل سعد بن أبي وقاص فقال عمر بن الخطاب لسعد رضى الله عنهما “لقد شكوك في كل شيء حتى الصلاة” قالوا لا يحسن يصلي، قال سعد “أما أنا فأمد في الأوليين وأحذف في الأخريين، ولا آلو أن أجتهد ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر “صدقتَ، ذلك ظني بك” رواه البخارى، وهذا معروف بالصدق والمتهمون له مجهولون، أو معروفون بالفسق والكذب فلا يمكن أن نقبل قول الفاسق الفاجر في الثقة الصادق.

 

وإن الصدق مع الله عز وجل تظهر حقيقته في الخوف من الله باطنا وظاهرا، فتكون الحركات والسكنات والتصرفات والتوجهات والإرادات والأعمال والأقوال كلها محكومة بأمر الله سبحانه وتعالى وأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، محاطة بسياج المنهج القرآني والهدي النبوي، مراد بها وجه الله، لا تخالطها أهواء نفسية، ولا تخالجها مصالح شخصية، ولا تحكمها نزعات دنيوية، ولا توجهات شخصية، بل الحكم في المنشط والمكره، والمرجع في العسر واليسر، والمرد في الرخاء والشدة، تحقيق شرع الله، وامتثال أمره، وسواء كان ذلك مع الصديق أو مع العدو، أو مع القريب والبعيد، أو مع الغني والفقير، ويقول أبو بكر الصديق رضى الله عنه “لا خير في قول لا يريد به صاحبه وجه الله” ويقول خالد بن الوليد رضي الله عنه “رحم الله عمر، إن أقواله وأفعاله كلها مراد بها وجه الله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى