مقال

الدكروري يكتب عن الطيبات والخبائث في ميزان الحق ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الطيبات والخبائث في ميزان الحق ” جزء 4″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

ألم يؤمن هؤلاء جميعا بقول الله عز وجل “ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا” ألم يسمعوا حديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع” وذكر صلى الله عليه وسلم منها “وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟” ألم يسمعوا حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عند ما قال في الحديث الصحيح ” فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته” ألم يسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “لتؤدُن الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء” ألم يعلموا أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، فاقنعوا بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ويسروا على عباد الله إن يسر الله عليكم، واجعلوا أموالكم حجابا لكم من النار وأتقوا النار ولو بشق تمرة.

 

فيقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه” إن الدنيا حلالها حساب وحرامها عذاب، وشبهتها عتاب” ونعيش مع حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حديث رواه البخارى عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشبهات، فمن اتقي الشبهات فقد استبرا لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعي حول الحمي يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” وهذا الحديث يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم قضية من القضايا التي تهمنا جميعا خاصة في زماننا هذا الذي اختلطت فيه الأمور وصار هنالك فوضى في التوجيه والكلام والفتاوى، وبلابل في كل شيء.

 

حتى إن الإنسان يشعر بأنه لا شيء قابل للتصديق، ولا شيء قابل للتكذيب، وصار الدين عرضة لكل من أراد أن يتكلم بعلم أو بغير علم، وأحيانا ترى الدين متهما مضطرا أن يجد من يدافع عنه، وهذا من الأمور العجيبة، وإن الحلال والحرام قضية تحتاج منا إلي وضع بعض القواعد أو وضع النقاط فوق الحروف، أيضا قضية الشبهات وما يدخلها من فتنة الشبهات ومسائل جديدة جدت علينا، فإن الله عز وجل هو الذى يحل ويحرم، فمن الذى يحل ومن الذى يحرم ، فنحن كلنا عبيد لله عز وجل، فالذى يحل ويحرم لنا هو الله سبحانه وتعالي، والله عز وجل حينما أحل وحرم، ما حرم ليضيق علينا، إنما حرم لأنه يريد بنا الخير، فيقول سبحانه وتعالى فى سورة النساء” والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا”

 

فإن الكثير ينظر إلي مسألة الحلال والحرام علي أن الالتزام بها تضييق للحياة، وأن فيها قيود علي حرية الإنسان لكن حينما تنظر إلي المسألة بواقعية لعلمت أن من يقول هذا الكلام ويسير علي نفس المسار هو عبد لهواه فهو عبد ما يشتهي لا عبد لله عز وجل، والعبد الذى يشتهى ما يوافق هواه وشهواته هذا لا شك أنه يضل، كما قال الله تعالى فى سورة الجاثية ” أفرأيت من أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون” وإن النفس البشرية بطبيعتها تكره التكليف، وتتطلع إلي الممنوع ، وتظن أنها فاهمة لكل شيء وهي جاهلة، فالله سبحانه وتعالي شرع ما شرع من الحلال والحرام، أوالفرائض والواجبات إنما شرعها لأنه يريد الخير بنا، فقال تعالي في نهاية آيات الصيام كما فى سورة البقرة ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”

 

وقال تعالى في شأن الأضحية كما فى سورة الحج ” لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين” فإن الله سبحانه وتعالى لا يأكل ولا يشرب فلا يناله من الذبيحة التي أنعم علينا بها ورزقنا بها، وسخرها لنا لن ينال الله منها لحم ولا دم، إنما نحن كلفنا من الله عز وجل، بذبيحتها، نأكلها ونطعم غيرنا منها شكرا لله تعالي، فقال تعالى فى سورة الحج ” لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين” وكذلك فإن هنالك أمور قد يكتشف الانسان الحكمة منها، وهناك أمور لا يستطيع أن يكتشف الحكمة لا لانعدامها بل لخفائها أو لجهله بها، ويعني أن الحكمه موجودة، وإن فرائض الله كلها لها حكمة، وأقدار الله لها حكمة، فما أمر الله تعالى بشئ عبثا وما قدر الله عز وجل شيئا عبثا ولا شرع الله سبحانه شيئا عبثا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى