مقال

الدكروري يكتب عن الصحابي أبو الأصبغ “جزء 1”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الصحابي أبو الأصبغ “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

أبو الأصبغ، هو حُويطب بن عبد العُزّى بن أبي قيس القرشي العامري، ويكنى أبا محمد، وأمه هي زينب بنت علقمة بن غزوان، وكان لحويطب بن عبد العُزّى من الأولاد أبا سفيان وأمه بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية وأيضل له من الأولاد أبا الحكم، وأمه هي أم كلثوم بنت زمعة بن قيس، وله أيضا من الأولاد عبد الرحمن، وأمه هي أنيسة بنت حفص بن الأحنف، من بني عامر بن لؤي، وعن إبراهيم بن جعفر بن محمود الأشهلي عن أبيه قال كان حويطب بن عبد العزى العامري قد بلغ مائة وعشرين سنة منهم ستين سنة في الجاهلية، وستين سنة في الإسلام، فلما تولي مروان بن الحكَم المدينة في عمله الأول دخل عليه حويطب بن عبد العزى مع مشايخ كثيرة منهم حكيم بن حزام، ومخرمة بن نوفل، فتحدثوا عنده، ثم تفرقوا، فدخل عليه حُويطب يوما بعد ذلك فتحدث عنده، فقال مروان ما عمرك؟

 

فأخبره، فقال له مروان تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث، فقال حُويطب الله المستعان، والله لقد هممت بالإسلام غير مرّة، كل ذلك يعوقني أبوك عنه وينهاني، ويقول تضع شرفك، وتدع دين آبائك لدين مُحدث، وتصير تابعا؟ قال فأسكت والله مروان، وندم على ما كان قال له، ثم قال حُويطب أما كان أخبرك عثمان رحمه الله ما كان لقي من أبيك حين أسلم؟ فازداد مروان غمّا، ثم قال حُويطب ما كان في قريش أحد من كبرائها الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة كان أكره لما هو عليه مني، ولكن المقادير ولقد شهدت بدرا مع المشركين فرأيت عِبرا، رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض، فقلت هذا رجل ممنوع، ولم أذكر ما رأيت، فانهزمنا راجعين إلى مكة، فأقمنا بمكة وقريش تسلم رجلا رجلا، فلما كان يوم الحُديبية حضرت، وشهدت الصلح، ومشيت فيه حتى تم، وكل ذلك أريد الإسلام.

 

ويأبى الله إلا ما يريد، فلما كتبنا صلح الحديبية كنت أنا أحد شهوده، وقلت لا ترى قريش من محمد إلا ما يسوءها قد رضيت أن دافعته بالراح، ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في عُمرة القضية، وخرجت قريش عن مكة، كنت فيمن تخلف بمكة أنا، وسهيل بن عمرو لأن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى الوقت، وهو ثلاث، فلما انقضت الثلاث، أقبلت أنا، وسُهيل بن عمر، فقلت قد مضى شرطك فاخرج من بلدنا فصاح يا بلال لا تغيب الشمس وأحد المسلمين بمكة ممن قدم معنا، وعن المنذر بن جهم قال، قال حُويطب بن عبد العزى لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح خفت خوفا شديدا فخرجت من بيتي، وفرّقت عيالي في مواضع يأمنون فيها، ثم انتهيت إلى حائط عوف، فكنت فيه، فإذا أنا بأبي ذر الغفاري، وكان بيني وبينه خُلة، والخُلة أبدا نافعة، فلما رأيته هربت منه.

 

فقال يا أبا محمد، قلت لبيك، قال ما لك؟ قلت الخوف، قال لا خوف عليك، تعالي أنت آمن بأمان الله فرجعت إليه، وسلمت عليه، فقال لي اذهب إلى منزلك، فقلت وهل لي سبيل إلى منزلي، والله ما أراني أصل إلى بيتي حيا حتى ألقى فأقتل، أو يدخل عليّ منزلي فأقتل، وإن عيالي لفي مواضع شتى، قال أبوذر فاجمع عيالك معك في موضع، وأنا أبلغ معك منزلك، فبلغ معي وجعل ينادي على بابي إن حُويطبا آمن فلا يُهج، ثم انصرف أبو ذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره فقال “أوليس قد أمنا الناس كلهم إلا من أمرت بقتله؟ قال فاطمأننت، ورددت عيالي إلى مواضعهم، وعاد إليّ أبو ذر، فقال يا أبا محمد حتى متى وإلى متى، قد سُبقت في المواطن كلها، وفاتك خير كثير، وبقي خير كثير، فآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم تسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، أبر الناس، وأوصل الناس، وأحلم الناس، شرفه شرفك، وعزّه عزّك.

 

قال قلت فأنا أخرج معك فآتيه، قال فخرجت معه حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالبطحاء، وعنده أبو بكر، وعمر، فوقفت على رأسه، وقد سألت أبا ذر كيف يقال له إِذا سُلم عليه؟ قال قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، فقلتها، فقال “وعليك السلام، أحُويطب؟” قلت نعم، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الحمد لله الذي هداك” وسُرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بإسلامي، واستقرضني مالا، فأقرضته أربعين ألف درهم، وشهدت معه حُنين، والطائف، وأعطاني من غنائم حُنين مائة بعير، ثم قدم حُويطب بن عبد العُزّى بعد ذلك المدينة، فنزلها، وله بها دار بالبلاط عند أصحاب المصاحف، وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال باع حويطب داره بمكة من معاوية بأربعين ألف دينار، فقيل له يا أبا محمد أربعين ألف دينار؟ قال وما أربعون ألف دينار لرجل عنده خمسة من العيال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى