مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن ماجه القزويني

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن ماجه القزويني

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

هو الإمام أبو عبدالله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، وهو محدث ومفسر ومؤرخ مسلم، وأحد الأئمة في علم الحديث، وهو من أهل قزوين، حيث أن مولده ووفاته فيها،

وولد الإمام إبن ماجه القزويني سنة مائتين وتسع من الهجرة، ورحل الإمام إبن ماجه القزويني في طلب العلم إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والري، وقد اختلف في نطق اسم ابن ماجه فأكثر القدماء قالوا ماجه، بهاء السكت، وتبعهم بعض أهل الحديث المعاصرين، ورأى علماء آخرون كالشيخ أحمد شاكر وعبد السلام هارون ومحمد فؤاد عبد الباقي أن الاسم ينبغي أن يُكتب بالتاء لأنه صار اسما مُعربا، ويعتبر ابن ماجه، واسمه أبو عبد الله محمد بن يزيد الربعي القزويني، وهو واحدا من أعلام وأئمة الحديث النبوي الشويف، وولد في قزوين التي فتحت في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وأصبح البراء بن عازب أول والي عليها.

 

وكان ذلك سنة أربع وعشرون من الهجرة، المواف ستمائة وأربع وأربعون ميلادي، ومنذ ذلك الحين بدأت تأخذ موقعها كمركز معرفي، وباتت حاضرة من حواضر العلوم، تموج بالحركة والنشاط العلمي، وفي تلك الفترة من عصر ابن ماجه، كانت الدولة العباسية تعيش أزهى فتراتها قوة وحضارة، في عهد الخليفة المأمون، ومنذ صغره آثر ابن ماجه مجالسة العلماء لاسيما شيوخ الحديث النبوي، وذلك في سن مبكرة، وأرفق ذلك بالرغبة في السفر والرحيل وهو في الثانية والعشرين من عمره، وهو نهج علماءالحديث في ذلك الزمان، حيث لابد من التنقل بين البلدان لجمع الأحاديث والاستزادة بمعرفة العلماء والاحتكاك بهم وسافر ابن ماجه إلى العديد من البلاد كالشام والكوفة ودمشق والحجاز ومصر وغيرها، حيث كان يتعرف ويطلع على مدارس الحديث النبوي في كل بلد ارتحل إليه، وقد تلقى وسمع عن العديد من العلماء.

 

وجمع ابن ماجه بين نشاط التأليف والتدريس وتعليم الأجيال، وكان قد طاف بالبلدان في رحلات استغرقت أكثر من خمسة عشرعاما ختمها بالعودة إلى قزوين، حيث تفرغ إلى التأليف والتصنيف، ورواية الحديث بعد أن كسب صيتا وقصده الطلاب من كل مكان، وقد وصفه القزويني من علماء الحديث بأنه ثقة كبير، متفق عليه، محتج به، له معرفة وحفظ، وكان عالما بهذا الشأن صاحب تصانيف منها التاريخ والسنن، ويعد كتاب سنن ابن ماجه واحدا من كتب الأحاديث النبوية الستة، وهو من أبرز وأهم ما ألفه ولقي الشهرة بسببه، وما يميز الكتاب أن ابن ماجه اعتنى به شرحا وتعليقا وقد قام بعض العلماء بعمل شروح له ومنها كفاية الحاجة في شرح ابن ماجه للسندي، ومصباح الزجاجة على سنن ابن ماجه، للسيوطي، والكواكب الوهاجة بشرح سنن ابن ماجه، لمحمد المنتقي الكشناوي، وغيرها، وكما ألف في التاريخ كتابا أرخ فيه من عصر الصحابة حتى عصره.

 

وقال عنه ابن كثير بأنه تاريخ كامل وهو الآخر لم يبقي وظل مفقودا، وسمع الإمام إبن ماجه القزويني من الشيخ علي بن محمد الطنافسي الحافظ، أكثر عنه، ومن جبارة بن المغلس، وهو من قدماء شيوخه، ومن مصعب بن عبدالله الزبيري، وسويد بن سعيد، وعبدالله معاوية الجمحي، ومحمد بن رمح، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومحمد بن عبدالله بن نمير، وأبي بكر بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، ويزيد بن عبدالله اليمامي، وأبي مصعب الزهري، وبشر بن معاذ العقدي، وحميد بن مسعدة، وأبي حذافة السهمي، وداود بن رشيد، وأبي خيثمة، وعبدالله بن ذكوان المقرئ، وعبدالله بن عامر بن براد، وأبي سعيد الأشج، وعبدالرحمن بن إبراهيم دحيم، وعبدالسلام بن عاصم الهسنجاني، وعثمان بن أبي شيبة، وخلق كثير، ومن تلاميذ الإمام إبن ماجه القزويني هو محمد بن عيسى الأبهري، وأبو الطيب أحمد بن روح البغدادي.

 

وأبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيمٍ المديني، وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، وسليمان بن يزيد الفامي، وآخرون، وقال أبو يعلى الخليلي رحمه الله عن الإمام إبن ماجه القزويني هو ثقة كبير، متفق عليه، محتج به، له معرفة بالحديث وحفظ، وكما قال ابن ناصر الدين رحمه الله أن محمد بن يزيد بن ماجه هو أحد الأئمة الأعلام، وصاحب السنن، وأحد كتب الإسلام، وحافظ ثقة كبير، وكما قال ابن خلكان رحمه الله أن محمد بن يزيد بن ماجه، الحافظ المشهور، مصنف كتاب السنن في الحديث كان إماما في الحديث، عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به، وقال أبو الحجاج المزي رحمه الله أن محمد بن يزيد بن ماجه القزويني الحافظ، هو صاحب كتاب السنن ذو التصانيف النافعة، والرحلة الواسعة، كما قال ابن كثير رحمه الله أن محمد بن يزيد بن ماجه، هو صاحب كتاب السنن المشهورة، وهي دالة على عمله وعلمه، وتبحره واطلاعه.

 

واتباعه للسنة النبوية في الأصول والفروع، ويشتمل على اثنين وثلاثين كتابا، وألف وخمسمائة باب، ويحتوي على أربعة آلاف حديث، كلها جياد، سوى اليسير، وقال أبو الحجاج المزي رحمه الله، كل ما انفرد به ابن ماجه، فهو ضعيف، يعني بذلك ما انفرد به ابن ماجه من الحديث عن الأئمة الخمسة، وكما قال الذهبي رحمه الله كان ابن ماجه حافظا ناقدا صادقا، واسع العلم، وإنما غضّ من رتبة سننه ما في الكتاب من المناكير، وقليل من الموضوعات، كما قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله سنن ابن ماجه جامع جيد، كثير الأبواب والغرائب، وفيه أحاديث ضعيفة جدا، وقيل أنه أحصى محمد فؤاد عبدالباقي رحمه الله أحاديث سنن ابن ماجه، فكانت جملة الأحاديث هي أربعة ألاف وثلاثمائة وواحد وأربعين حديثا، منها ثلاثة ألاف واثنين حديثا أخرجها أصحاب الكتب الخمسة، كلهم أو بعضهم، وهم البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.

 

والنسائي رحمهم الله جميعا، وباقي الأحاديث وعددها ألف وثلاثمائة وتسع وثلاثون حديثا هي الزوائد على ما جاء في الكتب الخمسة، منها ربعمائة وثماني وعشرين حديثا رجالها ثقات، صحيحة الإسناد، ومائة وتسع وتسعين حديثا حسنة الإسناد، وستمائة وثلاثة عشر حديثا ضعيفة الإسناد، وتسع وتسعين حديثا واهية الإسناد، أو منكرة، أو مكذوبة، وكما قام الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله بتحقيق سنن ابن ماجه، فكانت جملة الأحاديث الصحيحة والحسنة هي ثلاث ألاف وخمسمائة وثلاث حديثا، وصنف كتابه سنن ابن ماجه، وهو أحد الكتب الستة المعتمدة عند أهل السنة والجماعة، وله تفسير القرآن وكتاب في تاريخ قزوين، وتوجه الإمام ابن ماجه كثير من أئمة الحديث في ذلك العصر إلى مجالس العلم في سن مبكرة، حتى أحس بضرورة الرحيل لتحصيل العلم، فهاجر إلى العديد من البلاد كالشام والكوفة، ودمشق، والمدينة المنورة ومكة.

 

ومصر وغيرها من الأمصار متعرفا ومتطلعا على العديد من مدارس الحديث النبوي الشريف، فأتاحت له الفرصة أن يلتقي بعدد من الشيوخ في كل قطر وفي كل بلاد ارتحل إليها، ومن أهم مؤلفات الإمام هو كتاب السنن، وتفسير حافل للقرآن الكريم كما قال ابن كثير أنه تاريخ ممتاز أرخ فيه من عاصر الصحابة إلى عصره، ولم يبقي من هذه الآثار إلا كتاب السنن، وتوفي الإمام إبن ماجه القزويني رحمه الله يوم الاثنين، ودُفن يوم الثلاثاء، الثاني والعشرين من شهر رمضان، سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وصلى عليه أخوه أبو بكر، وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبدالله، وابنه عبدالله، وعاش الإمام إبن ماجه القزويني أربعا وستين سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى