مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الإسفراييني

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الإسفراييني

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام الإسفراييني هو الإمام العلامة الأوحد الأستاذ، هو أحد المجتهدين في عصره وصاحب المصنفات الباهرة، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفرايني الملقب بركن الدين، الفقيه الشافعي المتكلم الأصولي، ذكره الحاكم أبو عبد الله، وقال أخذ عنه الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور، وأقر له بالعلم أهل العراق، وخراسان، وله التصانيف الجليلة منها كتابه الكبير الذي سماه جامع الحلى في أصول الدين والرد على الملحدين، في خمس مجلدات، وكما له كتاب رسالة، وهو في أصول الفقه وغير ذلك من المصنفات، وأخذ عنه القاضي الطبري أصول الفقه بإسفرايين، وبنيت له المدرسة المشهورة في نيسابور، وذكره أبو الحسن عبد الغافر الفارسي، في سياق تاريخ نيسابور، فقال في حقه أحد من بلغ حد الاجتهاد من العلماء لتعمقه في العلوم واستجماعه شرائط الإمامة، وكان يقول أشتهي أن أموت بنيسابور.

 

وارتحل في الحديث وسمع من دعلج السجزي وعبد الخالق بن أبي روبا وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي ومحمد بن يزداد بن مسعود وأبي بكر الإسماعيلي وغيرهم، وكما حدث عنه أبو بكر البيهقي وأبو القاسم القشيري وأبو الطيب الطبري وتخرج به في المناظرة وأبو السنابل هبة الله بن أبي الصهباء، وطائفة، ومن تصانيفه كتاب جامع الخلي في أصول الدين والرد على الملحدين، في خمس مجلدات، وبنيت له بنيسابور مدرسة مشهورة، وقال الشيخ أبو إسحاق في كتاب الطبقات بأنه درس عليه شيخنا أبو الطيب وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور، وقال غيره نقل تابوته إلى إسفرايين ودفن هناك بمشهده، وقال عبد الغافر في تاريخه كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق، فضلا عن نيسابور ومن المجتهدين في العبادة المبالغين في الورع، وانتخب عليه الحاكم عشرة أجزاء وذكره في تاريخه لجلالته.

 

وانتقى له الحافظ أحمد بن علي الرازي ألف حديث وعقد مجلس الإملاء وكان ثقة ثبتا في الحديث، وقال الحافظ ابن عساكر حكى لي من أثق به أن الصاحب إسماعيل بن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر هؤلاء ويقول ابن الباقلاني بحر مغرق وابن فورك صل مطرق والإسفراييني نار تحرق، وقال الحاكم في تاريخه أبو إسحاق الأصولي الفقيه المتكلم المتقدم في هذه العلوم انصرف من العراق وقد أقر له العلماء بالتقدم، إلى أن قال وبني له بنيسابور المدرسة التي لم يبن بنيسابور مثلها قبلها، فدرس فيها، ومن كلام هذا الأستاذ قال القول بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة وآخره زندقة، فقال أبو القاسم الفقيه كان شيخنا الأستاذ إذا تكلم في هذه المسألة، قيل القلم عنه مرفوع حينئذ يعني أبا إسحاق لأنه كان يشتم ويصول ، ويفعل أشياء، وحكى أبو القاسم القشيري عنه أنه كان ينكر كرامات الأولياء ولا يجوزها وهذه زلة كبيرة.

 

وقال عبد الغافر في تاريخه كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق، فضلا عن نيسابور، ومن المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع، انتخب عليه الحاكم عشرة أجزاء، ونقل عنه الأصوليون أنه كان ينكر المجاز في اللغة، وأنه كان يقول القول بأن كل مجتهد مصيب، أوله سفسطة، وآخره زندقة، وقيل أنه دخل عبد الجبار الهمداني شيخ المعتزلة على الأستاذ أبي إسحاق الاسفرايني، وهو أحد أئمة السنة، فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء، فقال الأستاذ سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء، فقال القاضي أيشاء ربنا أن يعصى، فقال الأستاذ أيعصى ربنا قهرا، فقال القاضي أرأيت إن منعي الهدى وأورثني الضلال، أحسن إليّ أم أساء، فقال الأستاذ إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فالله يختص برحمته من يشاء فبهت القاضي، وكما قال أبو المظفر وسأل بعض أتباع الكرامية في مجلس محمود بن سبكتكين سلطان زمانه رحمه الله.

 

إمام زمانه أبا إسحاق الإسفرايني رحمه الله، عن هذه المسئلة، فقال هل يجوز أن يقال الله سبحانه وتعالى على العرش، وأن العرش مكان له، فقال لا، وأخرج يديه، ووضع إحدى كفيه على الأخرى، وقال كون الشيء على الشيء يكون هكذا، ثم لا يخلو أن يكون مثله، أو يكون أكبر منه، أو أصغر منه، فلا بد من مخصص خصه، وكل مخصوص يتناهى، والمتناهى لا يكون إلها، لأنه يقتضي مخصصا ومنتهى، وذلك علم الحدوث فلم يمكنهم أن يجيبوا عنه فأغروا به رعاعهم حتى دفعهم عنه السلطان بنفسه، وأما رأيه في الكرامة والمعجزة، فقال أبو إسحاق كلما جاز تقديره معجزة للنبي لا يجوز أن يكون ظهور مثله كرامة لولي، وإنما مبالغ الكرامات إجابة دعوته أو موافاة ماء في بادية في غير موقع المياه، أو نحو ذلك مما ينحط عن خرق العادات، وذكره القشيري في الرسالة، قال كان الإمام أبو إسحاق الإسفرايني رحمه الله يقول المعجزات دلالات صدق الأنبياء.

 

ودليل النبوة لا يوجد مع غير النبي، كما أن العقل المحكم لما كان دليلا في كونه عالما، لم يوجد إلا ممن يكون عالما، وكان يقول الأولياء لهم كرامات شبه إجابة الدعاء فأما جنس ما هو معجزة الأنبياء فلا، وقال الذهبي وحكى أبو القاسم القشيري عنه إنه كان ينكر كرامات الأولياء، ولا يجوزها، وهذه زلة كبيرة، وكان الإمام الإسفراييني يقول أشتهي أن أموت بنيسابور حتى يصلي علي جميع أهلها، وتوفي الإمام الإسفراييني بنيسابور، سنة ربعمائة وثماني عشر من الهجرة، الموافق عام ألف وسبع وعشرين من الميلاد، وكان يوم عاشوراء، ثم نقل إلى إسفراين، ودفن في مشهده، وقدعاش فوق الثمانين سنة، ومات معه في سنة ثماني عشرة أبو علي أحمد بن إبراهيم بن يزداد الأصبهاني غلام محسن والوزير العلامة أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي بميافارقين، وقد قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد النيسابوري السراج صاحب الأصم.

 

والمحدث أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني الناسخ والفقيه محمد بن زهير النسائي الشافعي الخطيب سمع الأصم وأبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد الروزبهان البغدادي الراوي عن الستوري وشيخ الصوفية معمر بن أحمد بن محمد بن زياد الأصبهاني ومكي بن محمد بن الغمر الدمشقي مستملي الميانجي والحافظ هبة الله بن الحسن اللالكائي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى