مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو المظفر السمعاني

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو المظفر السمعاني

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام أبو المظفر السمعاني هو الإمام العلامة مفتي خراسان شيخ الشافعية منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبد الجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله التميمي الإمام أبو المظفر السمعاني، وذلك نسبة إلى سمعان وهي بطن من تميم، وولد الإمام أبو المظفر السمعاني سنة ربعمائة وست وعشرين من الهجرة، في مرو في بلاد خراسان، ونشا في أسرة عريقة من العلم فوالده وأخوته وأولاده وأولاد أولاده من كبار العلماء، وكان في البداية حنفيا كوالده وتلقى العلم عليه، وبعد وفاة والده رحل إلى بغداد عام ربعمائة وواحد وستين من الهجرة، وجرت بينه وبين علماء بغداد المناظرات والمباحثات والتقى في هذه الرحلة أبو إسحاق الشيرازي صاحب المهذب، والإمام أبا نصر بن الصباغ وجرت بينهما مناظرات وسمع من عدد من المحدثين، ثم خرج إلى الحج وصحب بمكة الإمام أبو القاسم الزنجاني.

 

ثم عزم على الانتقال إلى مذهب الشافعي وعاد إلى مرو، وبسبب تحوله عن مذهب أبو حنيفة تعرض لمضايقات فرحل إلى طوس ثم نيسابور واستقبله الوزير نظام الملك وعرف له قدره ومكث بها فترة عقد فيها مجلس للتذكير ثم عاد إلى مرو وصلح حاله ودرس بها في مدرسة الشافعية، وكان إماما في شتى أنواع العلوم الإسلامية والعربية، وكان من شيوخ الإمام أبو المظفر السمعاني هو الشيخ أبو غانم أحمد بن علي الكراعي، وأبو بكر بن عبد الصمد الترابي، وعبد الصمد بن المأمون، وأبو صالح المؤذن، وأبو القاسم الزنجاني، وأبو منصور السمعاني، وكان من تلاميذ الإمام أبو المظفر السمعاني، هم عمر بن محمد السرخسي، وأبو نصر محمد بن محمد الفاشاني، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وإسماعيل بن محمد التيمي، وأبو نصر الغازي، وأبو سعد بن البغدادي، ومن مؤلفات الإمام أبو المظفر السمعاني، أنه قال أبو سعد السمعاني.

 

صنف جدي التفسير، وفي الفقه والأصول والحديث، وتفسيره ثلاث مجلدات وله الاصطلام الذي شاع في الأقطار، وكتاب القواطع في أصول الفقه، وله كتاب الانتصار بالأثر في الرد على المخالفين، وكتاب المنهاج لأهل السنة، وكتاب القدر، وأملى تسعين مجلسا، سمعت من يحكي عن رفيق جدي في الحج حسين بن حسن قال اكترينا حمارا، ركبه الإمام أبو المظفر إلى خرق، وبينها وبين مرو ثلاثة فراسخ، فنزلنا وقلت ما معنا إلا إبريق خزف، فلو اشترينا آخر ؟ فأخرج خمسة دراهم، وقال يا حسين، ليس معي إلا هذه، خذ واشتري، ولا تطلب بعدها مني شيئا، قال فخرجنا على التجريد، وفتح الله لنا، وكما حدثت بينه وبين علماء بغداد بعض المناظرات والمباحثات، وقد تقابل مع أبو إسحاق الشيرازي وهو صاحب المهذب، وأيضا الإمام أبا نصر بن الصباغ قد أجرى معه عدة مناظرات، ثم ذهب إلى الحج وتعرف بمكة على الإمام أبو القاسم الزنجاني.

 

وأبو المظفر كان على مذهب أبو حنيفة لكن عندما قابل الإمام في مكة انتقل إلى مذهب الشافعية، وبعد تحوله وخروجه عن مذهب أبو حنيفة تعرض إلى عدة مضايقات، فرحل إلى طوس ثم رحل إلى نيسابور واستقبله الوزير هناك بطريقة عظيمة، وظل معه فترة ثم عقد مجلس للتذكير ثم سافر إلى مرو، وقام بالتدريس في المدرسة الشافعية، ولقد حقق أبو المظفر السمعاني الكثير من الإنجازات في التاريخ الإسلامي، فهو إمام وعالم كبير في الفقه وعلم الحديث وفي كافة العلوم الإسلامية والعربية، ولقد درس في عدة مساجد وتتلمذ على يده عدد كبير من الشباب الذين استفادوا من عمله كثيرا، وذلك يعود أنه تتلمذ على يد عدد كبير من العلماء المميزين، وكما يمتلك أبو المظفر السمعاني علوم غزيره فهو عالم كبير وفقيه ولديه علم واسع في تفسير القرآن الكريم وعلم الأحاديث والأصول الدينية، وقام بعمل عدة مناظرات بينه وبين كبار العلماء.

 

وهذا ما جعل منه ثقل كبير في العلوم الإسلامية المختلفة، وقام أبو المظفر السمعاني بتأليف عدة كتب في الكثير من المجالات الدينية، ومن بينهم هذه الكتب هي البرهان في الخلاف، والاصطدام، وتفسير القرآن، ومنهاج أهل السنة، وقواطع الأدلة، والرد على القدرية، والرسالة القوامية، والانتصار لأصحاب الحديث، ويوجد الكثير من العلماء الذين تحدثوا كثيرا وبثناء عن العالم الجليل أبو المظفر السمعاني، فقال الإمام أبو علي بن الصفار إني إذا ناظرت أبا المظفر فكأني قد ناظرت رجلا من أئمة التابعين مما أرى عليه من آثار الصالحين، كما قال عنه أبو سعد لقد حدثنا أبو الوفاء عبد الله بن محمد، وحدثنا أبوك أبو بكر ليقول لقد سمعت أبي يقول ما حفظت شيئا فنسيته، كما قال أبو سعد أيضا عنه لقد سمعت أبا الأسعد بن القشيري يقول لقد سئلت جدك بحضور والدي عن الأحاديث الصفات فقال لي عليكم بدين العجائز، وكما قال عنه الحسين بن أحمد الحاجي.

 

لقد خرجت مع أبي المظفر إلى الحج، كلما دخلنا بلدة نزل على الصوفية وطلب منهم الحديث، ولم يزل يقول في دعائه في كل مرة اللهم بين لي الحق، فلما دخلنا مكة، نزل على أحمد بن علي بن أسد وصحب سعدا الزنجاني حتى أصبح محدثا، وحج على البرية أيام انقطع الركب فأخذ هو وجماعة فصبر إلى أن خلصه الله من الأعراب وحج وصحب الزنجاني، وكان يقول أسرونا فكنت أرعى جمالهم فاتفق أن أميرهم أراد أن يزوج بنته فقالوا نحتاج أن نرحل إلى الحضر لأجل من يعقد لنا فقال رجل منا هذا الذي يرعى جمالكم فقيه خراسان، فسألوني عن أشياء ، فأجبتهم وكلمتهم بالعربية فخجلوا واعتذروا فعقدت لهم العقد وقلت الخطبة ففرحوا وسألوني أن أقبل منهم شيئا فامتنعت فحملوني إلى مكة وسط العام، وقال عبد الغافر في تاريخه هو وحيد عصره في وقته فضلا وطريقة وزهدا وورعا من بيت العلم والزهد تفقه بأبيه وصار من فحول أهل النظر.

 

وأخذ يطالع كتب الحديث وحج ورجع وترك طريقته التي ناظر عليها ثلاثين سنة وتحول شافعيا وأظهر ذلك في سنة ثمان وستين فاضطرب أهل مرو وتشوش العوام حتى وردت الكتب من الأمير ببلخ في شأنه والتشديد عليه فخرج من مرو ورافقه ذو المجدين أبو القاسم الموسوي وطائفة من الأصحاب وفي خدمته عدة من الفقهاء فصار إلى طوس وقصد نيسابور فاستقبله الأصحاب استقبالا عظيما أيام نظام الملك وعميد الحضرة أبي سعد فأكرموه وأنزل في عز وحشمة وعقد له مجلس التذكير في مدرسة الشافعية وكان بحرا في الوعظ حافظا فظهر له القبول واستحكم أمره في مذهب الشافعي ثم عاد إلى مرو، ودرس بها في مدرسة الشافعية وقدمه النظام على أقرانه وظهر له الأصحاب وخرج إلى أصبهان وهو في ارتقاء، وصنف كتاب الاصطلام وكتاب البرهان وله الأمالي في الحديث تعصب لأهل الحديث والسنة والجماعة.

 

وكان شوكا في أعين المخالفين وحجة لأهل السنة، وقال أبو سعد أنه صنف جدي التفسير وفي الفقه والأصول والحديث وتفسيره ثلاث مجلدات وله الاصطلام الذي شاع في الأقطار وكتاب القواطع في أصول الفقه وله كتاب الانتصار بالأثر في الرد على المخالفين وكتاب المنهاج لأهل السنة وكتاب القدر وأملى تسعين مجلسا، ويقول أبا المظفر السمعاني كنت في الطواف فوصلت إلى الملتزم وإذا برجل قد أخذ بردائي فإذا الإمام سعد فتبسمت فقال أما ترى أين أنت ؟ هذا مقام الأنبياء والأولياء ثم رفع طرفه إلى السماء وقال اللهم كما سقته إلى أعز مكان فأعطه أشرف عز في كل مكان وزمان ثم ضحك إلي وقال لا تخالفني في سرك وارفع يديك معي إلى ربك ولا تقولن البتة شيئا واجمع لي همتك حتى أدعو لك وأمن أنت ولا يخالفني عهدك القديم فبكيت ورفعت معه يدي وحرك شفتيه وأمنت.

 

ثم قال مر في حفظ الله فقد أجيب فيك صالح دعاء الأمة فمضيت وما شيء أبغض إلي من مذهب المخالفين، وتوفي العالم الكبير أبو المظفر السمعاني يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول سنة ربعمائة وتسع وثمانين من الهجرة، في مرو، وعاش ثلاث وستين سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى