مقال

الدكرورى يكتب عن الأوابين إلي الله ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن الأوابين إلي الله ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع الأوابين إلي الله، وإن كثيرا من الناس ما فهموا معنى رحمة الله، فلذلك تمادوا في المعاصي بحجة أن الله سيغفر الذنوب، وما علموا بأن الله عز وجل قد اشترط لنيل رحمته قائلا كما جاء فى سورة الأعراف ” ورحمتى وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون، الذين يتبعون الرسول النبى الأمى ” ورحمة الله تستجلب بطاعته وطاعة رسوله صلى الله وعليه وسلم، والاستقامة على أمر الإسلام، فقال تعالى كما جاء فى سورة الشورى ” وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون” ومن جالبات رحمة الله تعالى هو إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ألا وإن مما تستمطر به الرحمات في الدنيا والآخرة، هو رحمة الضعفاء وذوي الحاجة، إغاثة الملهوف، وكفالة اليتيم، والقيام على الأرملة.

وسدّ حاجة المسكين، والعطف على الفقراء، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء” وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم “لا يرحم الله من لا يرحم الناس” وإن ربكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء رحمة وعلما، وأخبركم جل وعلا بسعة رحمته لتتعرضوا لتلك الرحمة بأخذ أسبابها، فرحمة الله وسعت كل شيء لا يحيط بها عقل ولا يحصرها عد ولا يبلغها فكر فهو جل وعلا ذو الرحمة الواسعة، والله أرحم بعباده فهو جل في علاه أرحم بنا من أنفسنا وأرحم بنا من والدينا، وإن رحمة الله تصيب كل خلقه، فقد وسعت جميع الخلق، إلا أن نصيبهم من الرحمة متفاوت.

فكلما زادت أسباب الرحمة فيك كان نصيبك منها أعلى ولذلك نبه الله تعالى في كتابه إلى السبيل والطريق الذي تنال به رحمته جل في علاه، الذي تدرك به هذه الرحمة التي يدرك بها الإنسان سعادة الدنيا وفوز الآخرة، فالجنة هي رحمته جل في علاه، وإذا فتح الله على العبد أبواب الرحمة ناله كل خير، وأدرك به كل بر، فتعرضوا لرحمة الله جل وعلا، وسلوه من فضله، وخذوا بأسباب الفوز برحمته جل فى علاه، فقد بيّنها لكم في كتابه، وبيّنها لكم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته، بقدر ما يكون معك من أسباب الرحمة يكون نصيبك من رحمة الله، فالناس بين مستقل ومستكثر، ورحمة الله تنال بطاعته وطاعة رسوله، فجدوا في طاعة الله وطاعة رسوله، طاعة الله أن تفعل ما أمرك به، وأن تترك ما نهاك عنه، كذاك طاعة رسوله أن تفعل ما أمرك به صلى الله عليه وسلم.

وتترك ما نهاك عنه صلى الله عليه وسلم، عند ذلك أبشر قال الله تعالى ” وأطيعوا الله والرسول لعلكم تفلحون” وتنال رحمة الله عز وجل بتقواه كما ذكر جل في علاه فقال ” ولتتقوا والعلكم ترحمون” وتنال رحمة الله عز وجل باتباع ما جاء به صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، فاتبعوا رسوله تنالوا رحمة ربكم جل في علاه، ورحمة الله تنال بالصلاة والزكاة وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلله كم من الرحمات التي تنزل على المصلين وهم بين يدي ربهم يتلون كتابه ويركعون له، يسجدون له ويسبحونه بأقوالهم وقلوبهم وأعمالهم، فلله كم من الرحمات التي تتنزل عليهم، ويا له من حرمان يناله أولئك الذين تخلفوا عن هذا المكان العظيم الذي به تتنزل الرحمات، فاتقوا الله واجتهدوا في نيل رحمته، وإن من أعظم أسباب رحمته أن تكثروا من الاستغفار.

والتوبة والرجوع إلى الله عز وجل، وابذلوا الأسباب التي تدركون بها رحمة العزيز الغفار، الرحيم الرحمن جل في علاه، فرحمته سبحانه وبحمده ما أقرب حصولها لمن صدق في طلبها، والله لا يخلف الميعاد، فإذا وعد أوفى وإذا قال صدق، ومن أصدق من الله قيلا، فخذوا أسباب الرحمة تنالوها في أنفسكم وفي أهليكم وفي أموالكم وفي شأنكم كله في دنياكم، ثم تفوزون برحمة عظيمة في أخراكم في الجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ومن أعظم أسباب الرحمة هو الإحسان، فقال تعالى ” واحسنوا إن الله يحب المحسنين” فأحسنوا بالمعنى العام الشامل لكل صور الإحسان، ليس فقط ببذل المال، أحسنوا في عبادة الله عز وجل بأن تعبدوه جل في علاه كأنكم ترونه، فإن لم ترونه فإنه يراكم، فالإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى