مقال

الدكرورى يتكلم عن النبي في غار حراء 

جريدة الاضواء

الدكرورى يتكلم عن النبي في غار حراء

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

لقد جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري، وتألقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل والخصال وكريم الصفات والأفعال، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وتملكت هيبته العدو والصديق، وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يبغض الأصنام التي يعبدها قومه ويدرك أنها ليست الطريقة السليمة للوصول إلى الله عزوجل وقد ظهر هذا البغض للأصنام في قصة حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قبل أن يبشر بالنبوة ويشهد لهذا موقفه مع زيد بن حارثة رضي الله عنه وكان هذا قبل البعثة فعن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال “وكان صنمان من نحاس يقال لهما، إساف ونائلة، فطاف رسول الله صلي الله عليه وسلم أي بالكعبة وطفت معه، فلما مررت مسحت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تمسه” وطفنا فقلت في نفسي لأمسنه أنظر ما يقول، مسحته.

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تسمه أم تنهي” قال فوالذي أكرمه وانزل عليه الكتاب ما استلم صنما حتي أكرمه بالذي أكرمه، وانزل عليه الكتاب” فكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يذهب إلى الغار ليتفكر في خالق هذا الكون ويتعبد له دون أن يعلم به أو يراه، فقد فطر قلبه على الإيمان والبعد عن المعاصي والمكفرات لكنه لم يكن يدري كيف يعبد الله ولا على أي شريعة ويتضح هذا من قوله عزوجل ” ووجدك ضالا فهدي” وإذا ذكر نزول القرآن الكريم ذكر غار حراء ذلك المكان المبارك الذي كان يتعبد فيه الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في شهر رمضان من كل عام حتى قبل الرؤيا ونزول القرآن، وللغار مكانة دينية عظيمة في نفوس المسلمين لأن ذكره ارتبط بذكر الرسول صلي الله عليه وسلم ونزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم به، ويعرف هذا الغار بجبل النور وهو يبعد عن المسجد الحرام مسافة أربعة كيلومترات تقريبا.

 

وفي شمال شرق المسجد الحرام يقع جبل النور الذي يشهد كثافة عالية خلال هذه الفترة من الحجاج كونه أحد المناطق التاريخية التي يرتادها الحجاج وسمي بهذا الاسم لظهور أنوار النبوة فيه ويوجد في هذا الجبل غار حراء وهو واحد من أهم الأماكن في تاريخ الإسلام وسيرة نبيه حيث كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يخلو فيه بنفسه ليعبد الله قبل البعثة بعيدا عن أهل مكة وهو المكان الذي نزل الوحي فيه لأول مرة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفيه نزلت أول آية من القرآن ” اقرأ باسم ربك الذي خلق” وغار حراء، هو الغار الذي كان يختلي فيه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، قبل نزول القرآن عليه بواسطة أمين الوحى جبريل عليه السلام ، وذلك في كل عام، وهو المكان الذي نزل الوحي فيه لأول مرة على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وغار حراء يقع في شرق مكة المكرمة على يسار الذاهب إلى عرفات في أعلى.

 

“جبل النور” أو “جبل الإسلام” على ارتفاع ستمائة واربع وثلاثين مترا، ولا يتسع إلا لأربعة أو خمسة أشخاص فقط، وغار حراء هو فجوة في الجبل، بابها نحو الشمال، طولها أربعة أذرع وعرضها ذراع وثلاثة أرباع، والداخل لغار حراء يكون متجها نحو الكعبة كما ويمكن للواقف على الجبل أن يرى مكة وأبنيتها، فغار حراء هو المكان الذى كان يختلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فى البداية قبل نزول القرآن عليه، وفيه نزل عليه الوحى لأول مرة، ومنه انطلقت رسالة الإسلام من مكة المكرمة إلى جميع أنحاء العالم، ولم يختلي النبى صلى الله علي وسلم، فى غار حراء بعد البعثة، كما أنه كان يختلى فيه لمدة شهر من السنة قبل نزول الرسالة بسنوات عدة، ويقع الغار على بعد عشرين مترا من قمة جبل النور، ويتطلب الوصول إليه الصعود إلى القمة ثم الهبوط إلى مكانه ويتكون غار حراء من فتحة فى داخل صخور جبل النور ومساحته صغيرة جدا.

 

ولا تتسع سوى لعدد قليل من الأشخاص، كما أن مدخله ضيق جدا، ويمكن الدخول إليه فقط عبر إمالة الرأس، لتخطى الانحناءات الكثيرة الموجودة هناك، ويمكن مشاهدة مكة المكرمة من أعلى جبل النور، الذى يتواجد فيه غار حراء ويعتبر غار حراء حاليا مزارا لحجاج بيت الله الحرام، والمعتمرين الذين يزدحمون أمام مدخله للتسابق فى دخوله، وهو يحتل كغيره من الأماكن الدينية والتاريخية مكانة فى قلوب المسلمين، الذين يستغلون أيام وجودهم فى مكة المكرمة لزيارته ويبدأ الحجاج بالتوافد إليه عادة بعد صلاة الفجر تقريبا، ويستغرق الصعود إلى قمة جبل النور ثلاثين دقيقة، تختلف باختلاف قدرة الحاج وصحته وعدد الدرجات التى يصعدها الزوار لغار حراء، يبلغ أكثر من ألف وأربعين درجة للوصول إليه، وقد ضربت السيدة خديجة رضي الله عنها أروع الأمثلة للسيدة الصالحة التي توأزر زوجها وتقف إلى جواره، فقد كانت تقف إلى جوار الرسول صلي الله عليه وسلم في خلوته.

 

وتشجعه عليها رغم أن هذا كان أمرا مستغربا في مكة ورغم أن الغار كان في مكان موحش ولكنها كانت تثق بقرارات زوجها ورغم غيابه الكثير عليها لم تنهه عن الخلوة بل كانت تشجعه وتسانده وهذه في الحقيقة صفة مهمة صفات الزوجة الصالحة حيث تقف مع زوجها فيما يريد، وتؤيده وتشجّعه، وتكون عضدا له في اختياراته، فهذا من أفضل الأمور التي تقوي الرابطة بين الرجل وزوجته، وبعد البعثة لم يعد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يختلي بغار حراء، ولكنه كان يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان بالمدينة وكأنه فعل ذلك ليعطي درسا مهما للدعاة ليقوموا بعملهم ويخالطوا الناس وفي نفس الوقت يحافظوا على نقاء سريرتهم بالاختلاء ولو أيام معدودة في السنة، لكي يعيدوا فيها ترتيب أوراق حياتهم ويصلحوا من أنفسهم حتى يستطيعوا بعدها إصلاح المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى