مقال

أرسطو الإسلام إبن سينا ” جزء 2″

أرسطو الإسلام إبن سينا ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع أرسطو الإسلام إبن سينا، وألف إبن سينا نحو ربعمائه وخمسين كتابا، نجا منها إلى يومنا هذا نحو مائتين وأربعين كتابا فقط، ومن بين تلك الأعمال المتبقية، مائه وخمسين كتاب في مجال الفلسفة وأربعين كتاب فقط في الطب، وهما أكثر مجالين ساهم فيهما ابن سينا أكثر من غيرهما، وكما كتب عن علم النفس، والجيولوجيا، والرياضيات، وعلم الفلك، والمنطق، إلا أن أهم عمل له هو كتاب الشفاء، وهو واحد من أربعة أجزاء مخصصة للرياضيات، وقد ضمّن ابن سينا علم الفلك والموسيقى والكثير من فروع الرياضيات داخل هذه الموسوعة، وقد قام ابن سينا بتقسيم الرياضيات إلى أربعة فروع، الهندسة، وعلم الفلك، والحساب، والموسيقى، ثم قسم كل من هذه المواضيع، وكما قسّم علم الفلك إلى الجداول الفلكية والجغرافية.

 

والتقويم، وقسّم الحساب إلى الجبر، وعمليات الجمع والطرح، وصنف الموسيقى أيضا اعتمادا على الآلات الموسيقية المختلفة، وكان بن سينا طبيبا ماهرا، وقد اتبع ابن سينا في فحص مرضاه وتشخيص المرض وتحديد العلاج الطريقة الحديثة المتبعة الآن، وذلك عن طريق جس النبض والقرع بإصبعه فوق جسم المريض، وهي الطريقة المتبعة حاليا في تشخيص الأمراض الباطنية، والتي نسبت إلى “ليوبولد أينبرجر” في القرن الثامن عشر، وكذلك من خلال الاستدلال بالبول والبراز، ويظهر ابن سينا براعة كبيرة ومقدرة فائقة في علم الجراحة، فقد ذكر عدة طرق لإيقاف النزيف، سواء بالربط أو إدخال الفتائل أو بالكي بالنار أو بدواء كاو، أو بضغط اللحم فوق العرق، وقد تحدث عن كيفية التعامل مع السهام واستخراجها من الجروح.

 

ويُحذر المعالجين من إصابة الشرايين أو الأعصاب عند إخراج السهام من الجروح، وينبه إلى ضرورة أن يكون المعالج على معرفة تامة بالتشريح، كما يعتبر ابن سينا أول من اكتشف ووصف عضلات العين الداخلية، وهو أول من قال بأن مركز البصر ليس في الجسم البلوري كما كان يعتقد من قبل، وإنما هو في العصب البصري، وكان ابن سينا أيضا جراحا بارعا، فقد قام بعمليات جراحية ودقيقة للغاية مثل استئصال الأورام السرطانية في مراحلها الأولى وشق الحنجرة، وأيضا شق القصبة الهوائية، واستئصال الخراج من الغشاء البلوري بالرئة، وعالج البواسير بطريقة الربط، ووصف بدقة حالات النواسير البولية كما توصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الناسور الشرجي لا تزال تستخدم حتى الآن، وتعرض لحصاة الكلى وشرح كيفية استخراجها.

 

والمحاذير التي يجب مراعاتها، كما ذكر حالات استعمال القسطرة، وكذلك الحالات التي يحذر استعمالها فيها، وكما كان له باع كبير في مجال الأمراض التناسلية، فوصف بدقة بعض أمراض النساء، مثل الانسداد المهبلي والأسقاط، والأورام الليفية، وتحدث عن الأمراض التي يمكن أن تصيب النفساء، مثل النزيف، واحتباس الدم، وما قد يسببه من أورام وحميات حادة، وأشار إلى أن تعفن الرحم قد ينشأ من عسر الولادة أو موت الجنين، وهو ما لم يكن معروفا من قبل، وتعرض أيضا للذكورة والأنوثة في الجنين وعزاها إلى الرجل دون المرأة، وهو الأمر الذي أكده مؤخرا العلم الحديث، وقد ررحل إلى أصفهان وحظي برعاية أميرها علاء الدولة، هناك أصاب جسده المرض واعتلّ، حتى قيل إنه كان يمرض أسبوعا ويشفى أسبوعا، وأكثر من تناول الأدوية.

 

ولكن مرضه اشتد عليه، وعلم أنه لا فائدة من العلاج، فأهمل نفسه وقال إن المدبر الذي في بدىء عجز عن تدبير بدني، فلا تنفعني المعالجة، واغتسل وتاب، وتصدق بما لديه من مال للفقراء، وأعتق غلمانه طلبا للمغفرة من الله عز وجل، وتوفي في شهر يونيو عام ألف وسبعة وثلاثون ميلادى، في سن الثامنة والخمسين من عمره، ودفن في همدان، بإيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى