مقال

الدكروري يكتب عن قبلة الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قبلة الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد تكفل الله عز وجل بحفظ بيته الحرام، فقال عز وجل فى سورة الحج ” ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم” وإن الكعبة بيت الله، قد جعلها قبلة للمسلمين يتجهون إليها في صلواتهم، وهي بمكة المكرمة، وقد جعل الله لبيته حرما آمنا حده بحدود مِن حوله، وجعل لهذا الحرم محظورات لا ينبغي فعلها، منها هو منع الظلم والإلحاد والصيد وقطع الشجر وقتل دوابها وهوامها، ما عدا الحية والعقرب والفأر والحدأة والكلب العقور، وسميت هذه بالفواسق الخمسة، وقد أمر الله نبيه إبراهيم عليه السلام أن يبني الكعبة على أساسها السابق حيث يعتقد عدد من المؤرخين أن الكعبة كانت قبل إبراهيم، وقد تهدمت بفعل الطوفان، وانطمس مكانها، وبقيت هكذا حتى عهد إبراهيم.

بينما يعتقد مؤرخون آخرون أن إبراهيم عليه السلام بناها ابتداء، وقد مر أن آدم حج البيت، وفي غيابه قتل قابيل هابيل، كما ورد عن ابن عباس رضى الله عنهما قال حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أتى وادي عسفان قال “يا أبا بكر، أي واد هذا؟” قال هذا وادي عسفان، قال “لقد مر بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم على بكرات أى نياق لهم حُمر، خطمهم الليف، وأزرهم العباء، وأرديتهم النمار، يحجون البيت العتيق” والحديث ضعفه ابن كثير، وقال فيه غرابة، وقال في تاريخه البداية والنهاية وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة، وأن الملائكة قالوا قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأن السفينة طافت به أربعين يوما، أو نحو ذلك، ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل، وقد قررنا أنها لا تصدق ولا تكذب فلا يحتج بها.

فأما إن ردها الحق تعالى فهي مردودة بلا شك، فكانت البداية أن هدى الله إبراهيم إلى مكان البيت المحدد بأركانه الأربع، وقيل لما أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت، ثم لم يدريا أين مكانه، بعث الله ريحا يقال لها الخجوج، لها جناحان ورأس، في صورة حية، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول، وأتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس، هذا على رواية أن نبى الله إبراهيم بنى الكعبة على أساس البيت القديم، وأما أن يكون إبراهيم قد بناها ابتداء، فيحتمل أن هذه الريح قد خططت له المكان والأساس الذي أراده الله تماما دون زيادة ولا نقصان، وورد أن الله بعث له جبريل عليه السلام فدله على مكان البيت وما ينبغي عليه عمله، وبعد أن عرف مكان البيت باشر بحفر الأساس.

وقد شارك إسماعيل أباه في البناء ونقل الحجارة، وكان عملا شاقا، لكن يهون كل شيء أمام تلبية إرادة الرحمن، ولقد شرّف الله إبراهيم وابنه إسماعيل في تكليفهما بهذا البناء، وخصمها به دون غيرهما، حتى إن إبراهيم لم يستعن بأحد غير ابنه إسماعيل لأن الله تبارك وتعالى أراد ألا يبني بيته إلا طاهر اليد والقلب، ولولا ذلك لاستأجر إبراهيم من يقوم له بهذا العمل، لكن شرف البناء وقدسيته يحتاج لطهر الباني ونظافته القلبية من الشرك، ونظافته البدنية من الأقذار، وهذا متوفر في نبي الله إبراهيم وفي ابنه إسماعيل، ولقد عرفت قريش هذه القدسية للكعبة، فلما أرادوا تجديد بنيانها قالوا لا تدخلوا فيها إلا مالا من كسب طيب، ومن هذه المنطلق أيضا كان العهد لهما بصون هذا البيت من كل أشكال الشرك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى