مقال

غياب الديموقراطية، كان سبباً في انفجار المجتمعات

جريدة الاضواء

غياب الديموقراطية، كان سبباً في انفجار المجتمعات
كتب / يوسف المقوسي
لا يعترف أحد بالفشل. قرن تام من الانهيارات. لا أحد يسأل. ثقافتنا لغو وكلام وأحلام . استهلكنا شعارات سكنت في الكلمات والخطب والتمنيات. سقطت كورق يابس. ولا أحد يأسف عليها او يتذكرها أو يحن اليها.
النهضة التي بذرت طموحاتها، تم اغتيالها من قوتين قاهرتين: الديكتاتورية والسلفية الدينية. وفيما كان الغرب يتقدم، كان العرب يقفزون الى الوراء. زارتنا أفكار وعقائد وقضايا وأهداف رائعة: الوحدة، العدالة، الديموقراطية، الاشتراكية، القومية، التنمية.. ولم يبق منها حتى الرماد. لم تمت وحدها. ارض هذه البلاد لا ترتوي إلا بالعنف والفقه والعصبية. حتى ان تكون مواطناً في وطن، مستحيل.
لماذا كان هذا الفشل أو لماذا هذا الانتحار؟
الشعارات التي رُفعت وصدّقناها، اعتبرناها المفتاح السحري للأبواب الموصدة، بحيث أن انتصار هذه الأفكار، رهن بدخول دولة الشعب الى الحيز السياسي. لم يحصل ذلك، ليس لعدم تطابق هذه القيم والأهداف، مع الواقع، بل لأن الواقع كان ضدها وهزمها بسهولة.

الديموقراطية، هي آخر مطاف ثقافي ونضالي صادق. ولا ديموقراطية البتة في مجتمعات تؤمن بالسحر السياسي. تكتفي برفع شعار الديموقراطية بينما المجتمعات غير مؤهلة لذلك البتة. الديموقراطيات تأتي في نهاية المطاف. يستحيل أن تكون ديموقراطياً. الديموقراطية ليست ثمرة نشتريها من النصوص والاقتراحات. هي ثمرة تحتاج الى أرضية ثقافية متفاعلة. نحن نريد الثمرة التي لم تُزرع في البيئة. لذا، ديموقراطيتنا سامة ومسمومة وأرضية لفتنة. الديموقراطية لا تولد دفعة واحدة. يجب ان يتأهل المجتمع لحضورها.

عدم نجاح المسار الديموقراطي يعود الى عدد من العوامل:
أولاً؛ اعتبار الديموقراطية شعاراً لا مساراً. يكفي أن يتم رفع الشعار حتى يترجم واقعاً. هذا تخريف اجتماعي. الديموقراطية هي آخر مطاف مسيرة صعبة وشاقة ومحفوفة بالمصالح المضادة للحرية.
ثانياً؛ فقدان الحرية في المساحات العربية، ليس بسبب تخلي الجماعات عنها، بل لأن اغتصاب الحرية واعتبارها رجساً غربياً، يُعوّض عنه بالخضوع والاخضاع؛ خضوع طوعي لفقه الأديان، وإخضاع قمعي عسكريتاري ماحق.
ثالثاً؛ للديموقراطية الف باء خاصة بها. انها لا تحصل إلا بعد جيل مديد. ثقافة العلم والعلوم اولاً. ثقافة الإنتاج دائماً. ثقافة الحرية. ثقافة التجمع الطوعي، لا الاجتماع الوراثي والديني. ثقافة الوعي والانفتاح والتلاقي. ثقافة الاختلاف واحترامه. ثقافة النقد والنقد المضاد.

من دون كل هذا، لا يمكن للديموقراطية ان تفوز بالحضور. وكنموذج لهذه الديموقراطية الراسخة، لا نستطيع ان نجد نظاماً عربياً يوفر الحرية وشروط المشاركة وحرية الاختيار لتصبح واقعاً.

الديكتاتوريات العسكرية فادحة. الناس تطيع ولا تطاع، تسمع وتنفذ ولا تناقش. تبايع عالعمياني. تعيش خوف العقاب. العقاب في الأنظمة الديكتاتورية العسكرية والملكية والاماراتية والسلطانية، لا يمكن تصور بدائعه الاجرامية. الانسان العربي يملك لغتين: لغة علنية كاذبة، ولغة باطنية لا ترى النور، ولا يُسمع صوتها. الانسان الحر ممنوع. محذوف. خطير. ثمن الديموقراطية باهظ جداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى