مقال

الدكروري يكتب عن الكذب علي الله ورسوله 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الكذب علي الله ورسوله

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الكذب بلا شك هو جماع كل شر، وإن الكذب هو أصل كل ذم وما ذاك إلا لسوء عواقبه وخبث نتائجه، فيجب علي الآباء والأمهات أن ينشئوا أولادهم نشأة يقدسون فيها الصدق، ويتنزهون عن الكذب، ولو تجاوز الآباء والأمهات عن هذه الأمور وقالوا هذه توافه وهينة، فإن الأطفال سيكبرون، وهم يعتبرون الكذب هينا وهو عند الله عظيم، فإنه لا يوجد أمر بأذهب للمروءة والجمال من الكذب الذي لا خير فيه وأبعد بالبهاء عن الرجال، والنبى صلى الله عليه وسلم، كان يحارب الكذب محاربة شديدة، فإن هذه هي العدالة الإلهية، وهذا هو الصراط المستقيم، وهذا هو الكمال البشري يرتقي عند الله تعالي باستقامته وبورعه، وبعلمه وبخوفه من الله عز وجل، وإن الله تعالي أيّده صلى الله عليه وسلم بالمعجزات لينطق بالحق، وما ينطق عن الهوى حينما ينطق معظم الناس عن الهوى، حينما يتحدثون وفق أهواءهم، حينما يتحدثون من أجل مصالحهم.

 

حينما يتلاعبون بالألفاظ والأفكار والقيم من أجل ما يصبون إليه من مكاسب دنيوية حينما ينطلق معظم الناس في هذا الطريق ينبئنا ربنا جل و علا أن نبيّه الكريم صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، فقال تعالى في سورة النجم ” وما ينطق عن الهوي، إن هو إلا وحي يوحي” وكلكم يعلم أن أولى صفات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هي الصدق، لذلك كلما ورد اسم النبي صلى الله عليه وسلم في أوساط الجاهليين كانوا يقولون ما جرّبنا عليه كذبا قط، فأشنع أنواع الكذب، وأخطر أنواع الكذب، والكذب الذي يهلك صاحبه أن تقول على الله ما لا تعلم، فإن كنت تعلم فتكلم، وإن كنت لا تعلم فاسأل من يعلم، فقال تعالى في سورة الفرقان ” فاسأل به خيرا” وكن وقافا عند كتاب الله، وتحدث في حدود معلوماتك، وإياك أن تحرّم من دون دليل، وإياك أن تحلل من دون دليل، إياك أن توزّع ألقاب الكفر والإيمان من دون دليل، ليس هذا من شأنك، فإن هذا من شأن الله عزوجل.

 

ولا يقلّ الكذب على الله عزوجل، أو لا يقل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكذب على الله، لذلك أخطر أنواع الكذب أن تكذب على الله وعلى رسوله، فكيف يكذب الإنسان على رسول الله، فكيف يكذب ؟ فحينما يروي حديثا موضوعا وضعه الكذابون، وضعه الزنادقة، وضعه أهل الأهواء في الدين، حينما يروي حديثا موضوعا ويعلم أنه موضوع، ولا ينبّه الناس على أنه موضوع، فهذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا لا يرى أنه كذب، نقول له لماذا لم تتحقق ؟ ولماذا لم ترجع إلى سنده ؟ ولماذا لم تعتمد الكتب الصحيحة ؟ ولماذا لم تسأل علماء الحديث عن هذا الحديث قبل أن ترويه للناس، أنت لا تعلم أنه موضوع، ولكن هذا العذر لا يكفي، هذا العذر لا يحميك من عذاب الله عز وجل، لأنك تفتري على الله، لأنك تلعب بدين الله، لأنك تحلل ما حرّم الله، أو تحرّم ما أحلّ الله، أو توهم الناس أن الله كذا و كذا، وهو منزّه عن كذا وكذا.

 

فإن الافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم أن تكذب على لسانه، أن تقول للناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يقل هذا، وأن توهم الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا و كذا، وهو لم يقل كذا و كذا، فهذا من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لماذا الخطر كبير أن تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ لأن النبي عليه الصلاة و السلام مؤيد بالمعجزات، و ما أيّده الله تعالي بالمعجزات إلا من أجل أن تصدقه في كل ما يقول، فإذا نقلت عنه قولا ما قاله فقد وظفت هذه المعجزات للحديث الكاذب، وهذا لعب خطير بدين الله، لأن الله عزوجل يقول في سورة الحشر ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” والنبي صلى الله عليه وسلم مشرّع، أقواله، وأفعاله، وإقراراته تشريع، المصدر الثاني بعد القرآن هو قول النبي صلى الله عليه وسلم هو أفعال النبي صلى الله عليه وسلم هو إقرار النبي صلى الله عليه وسلم.

 

فهذا كذب شنيع جدا، أن تكذب على الله عزوجل أو أن تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أسلم عكرمة بن أبي جهل، ومن أبو جهل ؟ فإن أبو جهل هو أعدى أعداء الله، سخّر كل إمكاناته، وكل طلاقة لسانه، وكل فصاحته، وكل وجاهته، وكل مكانته، وكل قوته من أجل تأليب الناس على الإسلام، من أجل محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمضى كل حياته في حرب النبي صلى الله عليه وسلم، وحينما أسلم ابنه عكرمة، وهو في طريقه إلى النبي صلى الله عليه و سلم وجّه أصحابه توجيها يُسجّل بماء الذهب، قال صلى الله عليه وسلم “جاءكم عكرمة مسلما، فلا تسبوا أباه، فإن سبّ الميت يؤذي الحي، و لا يبلغ الميت” إذن نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب أبي جهل إكراما لابنه، وكلكم يعلم من أبو جهل، فما قولك بمن يكذب ليضحك الناس فيتهم أخاه المسلم بشيء ما فعله، بكلام ملا قاله، بتصرف ما سلكه.

 

أتضحك الناس على حساب زيد؟ أتجعل من زيد قصة مضحكة للناس ؟ أهكذا المؤمن ؟ أهكذا المسلم ؟ أهذا يرضي الله عزوجل؟ ولكن بعض العلماء أجاز أن تكتب قصة من خيالكم تقع، لكنها لا تشير إلى أشخاص معروفين، أشخاص رمزيين، يمكن أن تؤلف قصة لم تقع، لكنها واقعية يستنبط منها موعظة كبيرة، والقصة كما تعلمون لها أثر كبير في توجيه الناس، فأن تكتب قصة من خيالك، لكنها تؤدي هدفا نبيلا و تهيئ لها أشخاصا رمزيين، هذا ليس من أنواع الكذب التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم وكلكم يعلم كيف أن بعض الكتاب كتب قصصا على ألسنة الحيوانات، وكلها مواعظ بليغة، فهذا ليس من أنواع لكذب، فهذا عمل أدبي يرتقي برقي هدفه، ويسفل بانحطاط هدفه، فإذا كان الهدف نبيلا، فإذا أردت أن تبث قيم الشجاعة والتضحية والإيثار، أو قيم التديّن الصحيح وقيم البذل من خلال قصة اجتماعية هادفة رصينة، فهذا ليس من الكذب الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى