مقال

الدكروري يكتب عن حياة الرسول الزوجية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حياة الرسول الزوجية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الجانب الإنساني في حياته الزوجية العاطفية صلى الله عليه وسلم، فهو جانب مشرق، يوحي بكمال إنسانيته صلى الله عليه وسلم، ولقد ضرب أمثلة رائعة من خلال حياته الزوجية فهو الزوج المثالي، والأب المثالي، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر حبه لزوجاته، فتجده عند الشرب والأكل يتحبب إليهن ويُظهر حبه لهن، فيشرب من موضع فم إحداهن، كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كنت أشرب من الإناء وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيّ” وكان صلى الله عليه وسلم يخرج مع إحداهن ليلا للتنزه والحديث، وهذا أمر يجلب المحبة والمودة بين الزوجين، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة على عائشة وحفصة، فخرجتا معه جميعا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث معها.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يسامر زوجاته ويحادثهن ويضحك من كلامهن، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قلت يا رسول الله، أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة أكل منها، ووجدت شجرا لم يُؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال “في التي لم يُرتع فيها” تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها” رواه البخاري، وتتجلى معاني الإنسانية في مساعدته صلى الله عليه وسلم لزوجاته في شؤون المنزل، فعن الأسود قال قلت لعائشة رضى الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة، وكان صلى الله عليه وسلم يعرف مشاعر زوجاته نحوه، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “إني لأعلم إِذا كنت عني راضية، وإِذا كنت عليّ غضبى، قالت، فقلت ومن أين تعرف ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم.

 

” أما إِذا كنتى راضية، فإنك تقولين لا ورب محمد، وإذا كنتى غضبى، قلتى لا ورب إِبراهيم، قالت قلت أجل والله يا رسول الله ما أهجر إِلا اسمك” أما الجانب الوجداني والمشاعر الإنسانية، فقد اتصف بها خير البرية صلى الله عليه وسلم، فقد كان يفرح ويظهر مشاعر الفرح عند المسرّات وعند المواقف المفرحة، وكذا يظهر مشاعر الحزن والأسى والبكاء عند الآلام، وكذلك فكان صلى الله عليه وسلم يظهر فرحه بالتوبة على أصحابه، فها هو وجهه الكريم صلى الله عليه وسلم يستنير مِن الفرح والسرور، عندما يتوب الله تعالى على الثلاثة المخلفين، فقد فرح صلى الله عليه وسلم بتوبة كعب بن مالك رضي الله عنه فرحا شديدا، حكاه كعب فقال، فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه” رواه البخارى ومسلم.

 

والذي يتأمل الحروب التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجد أنها لم تكن عدوانا ولا فرضا لسطوته، ولا ظلما لأعدائه، بل كانت تحمل في طياتها الرحمة والإنسانية، وتتمثل الإنسانية الحانية في ذلك المشهد الذي يفيض رحمة ورفقا، ومع كل ذلك كان لا يفتأ عليه السلام أن يقول “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” فلم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم العبوس والتكشير، وإنما كان صلى الله عليه وسلم بسّاما، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلا أفطر في شهر رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، فقال إني لا أجد، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر، فقال ” خذ هذا فتصدق به” فقال يا رسول الله، ما أحد أحوج مني، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت ثناياه، ثم قال ” كُله ” وأما عن مشاعره صلى الله عليه وسلم الرقيقة الرقراقة عند الحزن.

 

فقد كانت تدمع عيناه، ويبكي لفراق الأهل والأصحاب بكاء رحمة ورفق، لا بكاء ضجر وتسخط، فلما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه، وبكى رحمة له، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبّله وشمّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان،‏ فقال له الصحابى الجليل عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” يا بن عوف، إنها رحمة”‏‏ ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم “إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” ولقد ظهرت أسمى معالم الإنسانية في معاملته صلى الله عليه وسلم للأطفال، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخفض لهم جناحه، ويفهم طبيعتهم السنية، فيداعبهم، ويلاطفهم، ويقبلهم، ويحتضنهم.

 

ويصبر عليهم، ويكره أن يقطع عليهم مرحهم وسعادتهم، حتى ولو كان بين يدي الله تعالى، فعن عبدالله بن شداد، عن أبيه قال دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة، فخرج وهو حامل حسنا أو حسينا، فوضعه إلى جنبه، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطال فيها، قال إني قد رفعت رأسي من بين الناس، فإذا الغلام على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعدت رأسي فسجدت، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له القوم يا رسول الله، سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها، أفكان يُوحى إليك؟ قال “لا، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته” وكان صلى اللله عليه وسلم يُقبّل الأطفال ويمسح على رؤوسهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال “مَن لا يَرحم لا يُرحم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى