مقال

الدكروري يكتب عن أين القدوة الحسنة اليوم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أين القدوة الحسنة اليوم

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

عندما نري ما يحدث من حولنا اليوم وما وصلنا إليه من إرتكاب أبشع الجرائم من قتل وإغتصاب وزنا محارم وسرقة ونصب وإحتيال وإفتعال المصائب والكوارث التي كثرت وفشت في هذا الزمان، ما علينا سوى إعمال عقولنا لسلوك الطريق الصحيح، وقد رسم لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم طريقا واضحا سليما صحيحا في الحياة، فخلدت سنته في نفوسنا ووجداننا لتكون منارا نهتدي به إلى يوم يبعثون، وكان هذا الطريق منهجا متكاملا لا نقص فيه ولا خلل لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا نوّه إليها، لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا الحسنة في جميع مجالات الحياة، ولأثر القدوة في عملية التربية، وخاصة في مجال الاتجاهات والقيم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلمين طبقا لما نص عليه القرآن الكريم، وقد استطاع بفضل تلك القدوة أن يحمل معاصريه قيم الإسلام وتعاليمه وأحكامه، لا بالأقوال فقط، وإنما بالسلوك الواقعي الحي.

 

وقد حرصوا على تتبع صفاته وحركاته، ورصدها والعمل بها، وما ذلك إلا حرصا منهم على تمثل أفعاله صلى الله عليه وسلم، ولقد كان المثل الأعلى لهم، وقد تمثلت في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم صفات جليلة جعلت منه قدوة بالفعل والقدوة الحسنة هي المثال الواقعي للسلوك الخلقي الأمثل، وهذا المثال الواقعي قد يكون مثالا حسيا مشاهدا ملموسا يقتدي به، وقد يكون مثالا حاضرا في الذهن بأخباره، وسيره، وصورة مرتسمة في النفس بما أثر عنه من سير، وقصص، وأنباء من أقوال أو أفعال، والقدوة الحسنة تكون للأفراد على صفة أفراد مثاليين ممتازين، وتكون للجماعات على صفة جماعات مثالية ممتازة ، ووجه القرآن الكريم بصراحة تامة إلى القدوة الحسنة، فقال الله تعالى فى سورة الأحزاب ” لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” ففي هذا النص إرشاد عظيم من الله تبارك وتعالى للمؤمنين.

 

أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لهم، يقتدون به، في أعماله، وأقواله، وأخلاقه، وكل جزئيات سلوكه في الحياة، فهو خير قدوة يقتدي بها الأفراد العاديون، والأفراد الطامحون لبلوغ الكمال الإنساني في السلوك، وجعل الله الذين آمنوا معه، وصدقوا، وأخلصوا، واستقاموا، أمثلة رائعة يقتدى بها في معظم الفضائل الفردية والاجتماعية، ولئن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه، فإن سيرته التي تحتوي على جزئيات سلوكه ماثلة لنا، وفيما بلغنا من تراحم أصحابه رضوان الله عليهم ما يكفي لتجسيد القدوة الحسنة للمجتمع المسلم، ثم إن كل عصر من العصور من بعدهم لا يخلو من وجود طائفة من أمة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تصلح لأن تكون قدوة حسنة، قلت هذه الطائفة أو كثرت، فقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله ” لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم.

 

حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ” وروى مسلم عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ” وروى البخاري ومسلم عن معاوية قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ” فلا يخلو عصر من عصور الأمة المحمدية من طائفة صالحة، تصلح لأن تكون في عصرها قدوة حسنة للأفراد، وقد قام أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بدور كبير في هذا المجال، فكان كل واحد منهم مدرسة فاضلة بالأخلاق الحسنة والخصال الحميدة، فوجب علينا الاقتداء بهم لذا كان حريا بنا أن نتمثل أخلاق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه البررة، وأن تكون أخلاقهم نبراسا لنا نهتدي به إلى الخير والفلاح لبناء مجتمع قوي متماسك يقوم على المحبة والسلام والتعاون.

 

وحب الإنسان لأخيه الإنسان، ونبذ المنكرات وفعل الواجبات، وإن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الطليعة المؤمنة التي حملت عبئ الرسالة الإسلامية، فبهم قامت الدعوة، وبهم أظهر الله الإسلام، وأعلى كلمة الحق، فهم الذين بذلوا الأموال والأنفس فكانت رخيصة في سبيل الله تعالى، وهؤلاء هم الذين نصروا الدين، وكسروا الأصنام، وأعلوا كلمة الحق وقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، في كل مكان، وهؤلاء الذين ضربوا أروع الأمثلة في الصبر على البلاء، والتضحية والفداء، وصلبة العقيدة، ورسوخ اليقين، فكانوا مثال لكل مسلم يحمل بين جوانبه حقيقة الإيمان، وقد سمو بالهدف، فواجب على الأمة الإسلامية حب رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم، وحبهم أجمعين، وأن تحبهم وأن تتولهم وأن تتأسى بهم فيما فعلوه، نصرة للدين وإن للصحابة الكرام رضوان الله عليهم كانت لهم صفات مميزة، وسمات بارزة، فكانوا يعرفون بها.

 

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول صبحكم ومساكم، ويقول صلى الله عليه وسلم ” ُبعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى” رواه مسلم، وكان صلى الله عليه وسلم، يقول ” أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ” وإن القرآن الكريم هو المصدر الأول لإستنباط سيرة هذا الجيل الذي تربى على القرآن الكريم في مدرسة النبوة على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم، وقال النووي، خير الهدي، هدي محمد صلى الله عليه وسلم، أي أحسن الطرق طريق محمد صلى الله عليه وسلم، ويقال معنى حسن الهدي أي الطريقة والمذهب، وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال، بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ” إني لست أدري قدر بقائي فيكم فاقتدوا بالذين من بعدي يشير إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما واهدوا هدي عمار وعهد ابن أم عبد رضي الله عنهما” رواه احمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى