مقال

الدكروري يكتب عن فقراء المسلمين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فقراء المسلمين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الله سبحانه وتعالى نوّه بذكر ضعفاء المسلمين في آيات كثيرة من القرآن الكريم، ورفع ذكرهم، وأعلى مقامهم، وأمر العباد وحضهم على إيصال الخير والإحسان إليهم، وحثهم ورغبهم ووعدم على ذلك بالثواب الجزيل، فكم دفع الله عن المحسنين والراحمين للضعفاء واليتامى من بلية، ووقاهم شر كوارث وحوادث ورزية، فالله تعالى يحسن لمن أحسن على عباده، ولا يضيع لديه عمل عامل، فمن عامل عباده باللطف والإحسان، وبذل المعروف، عامله الله كذلك، بل أحسن وأبقى وأفضل، فالحسنة بعشرة أمثالها، فمن أراد النجاة من النار، وعلو المنزلة في الدار الآخرة، فليدخل على الله من باب الشفقة والإحسان على الضعفاء والمساكين، والأرملة، والأيتام، وذوي الحاجات، وليحسن إليهم بما يستطيعه، فإن الله تعالى قريب من المنكسرة قلوبهم، رحيم بمن يرحم عباده، لا يحقر شيئا من المعروف ، ولقد وصى الله تعالى بالأيتام عباده، وحضهم ورغبهم في إيصال الخير والإحسان إليهم.

 

وفرض عليهم في أموالهم حقّا للأيتام والفقراء والمساكين، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من مسح رأس يتيم فله بكل شعرة تمرّ عليها يده حسنة” فما أعظم هذا الثواب العظيم وما أهون مؤنته، وكفالة اليتيم هي القيام بأموره، والسعي في مصالحه، من إصلاح طعامه، وكسوته، وتنمية ماله إن كان له مال، وإن لم يكن له مال أنفق عليه أو كساه ابتغاء وجه الله تعالى، فالذي يكفل اليتيم ويتعهده، ويلاحظه ويؤدبه، ويهذب نفسه حتى تطمئن قلوب أقاربه إذا رأوه، وكأن والده حي، لا يفقد من والده إلا جسمه، فجدير بكافله هذا أن يكون له المكانة العالية عند الله تعالى، وكان جديرا بأن يكون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، في الجنة، يتمتع بما فيها من النعيم المقيم، فيا من يرجو ثواب الله، ويخشى عقابه، وأراد المنزلة العالية عند الله والفضل الكبير، والكرامة الأبدية، والأمن من جميع المخاوف يوم يلقى ربه، فليكرم اليتيم، وليحسن إليه، وليدخل السرور والفرح عليه.

 

وليفعل معه الخير ما استطاع إلى ذلك سبيلا، احتسابا لما عند الله تعالى، وثقة بوعده تعالى الذي رتبه على الإحسان إليه، وكذلك الأرملة وهي التي مات زوجها، ولها منه أولاد، أو لم يكن لها منه أولاد، فيطلق عليها الأرملة، فهي في أمس الحاجة إلى من يقوم بسداد حالها، من نفقة، ومن قضاء حاجة مسكنها، وما ينوبها، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأرامل والمساكين أحاديث كثيرة، فيها ترغيب وثواب عظيم لمن أراد الله به خيرا، ووفقه للعمل بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أنا أول من يفتح باب الجنة، فإذا امرأة تبادرني فأقول من أنت؟ فتقول أنا امرأة تأيمت على أيتام لي” وهذا هو المسكين على الحقيقة وهذا الذي خشي عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب أمته في إيصال الخير والإحسان إليه لأنه عفيف متعفف، ولم يرق ماء وجهه في السؤال والتطواف على الناس، بخلاف الذي ترده التمرة والتمرتان.

 

فهذا قد أراق ماء وجهه، ورفع عن وجهه جلباب الحياء، فمثْل هذا لا يخاف عليه، بل ربما قد لا يقنعه شبعة بطن حتى يسأل الناس تكثرا، إن الشفقة والرأفة والرحمة على خلق الله خصوصا ضعفاء المسلمين من يتيم، ومسكين، وأرملة لها أثر عند الله عظيم، ولها موقع في الحسنات ودفع السيئات، وتنزل الرحمة، ودفع النقمة، ولها أثر كبير في حسن الخاتمة عند الموت، فيحكى النبي صلى الله عليه وسلم قصة عظيمة إذا تأملها المسلم وجد فيها عبرة وفائدة كبيرة، حاصل هذه القصة أن امرأة كانت عاصية بعيدة عن الله سبحانه وتعالى خرجت ذات يوم، فبينما هي تسير في الطريق إذ رأت ذلك الكلب الذي اكتوى بالظمأ والعطش، رأت كلبا معذبا، قد أنهكه العطش والظمأ، وقد وقَف على بئر ذات ماء، لا يدري كيف يشرب، يلعق الثرى من شدة الظمأ فلما رأته تلك المرأة العاصية، أشفقت عليه ورحمته، فنزلت إلى البئر وملأَت خفها من الماء، ثم سقت ذلك الكلب.

 

وأطفأت ظمأه وعطشه، فنظر الله إلى رحمتها بهذا المخلوق، فشكر لها معروفها، فغفر ذنوبها، بشربة ماء غفرت ذنوبها، وبشربة ماء سترت عيوبها، وبشربة ماء رضي عنها ربها، إنها الرحمة التي أسكنها الله القلوب، إنها الرحمة التي يرحم الله بها الرحماء، ويفتح بها أبواب البركات والخيرات من السماء، فهي شعار المسلمين ودثار الأخيار والصالحين، وشأن الموفقين المسددين، كم فرج الله بها من هموم، وكم أزال الله بها من غموم، إنها الرحمة، إذا أسكنها الله في قلبك فتح بها أبواب الخير في وجهك، وسددك وألهمك، وأرشدك وكنت من المحسنين، ومن شعائر الإسلام العظيمة إطعام الطعام، والإحسان إلى الأرامل والأيتام، والتوسيع عليهم طلبا لرحمة الله الملك العلام، فقال صلى الله عليه وسلم “الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر ” رواه البخاري ومسلم، فالذي يطعم الأرملة، ويدخل السرور عليها.

 

ويرحم بُعد زوجها عنها إحسانا وحنانا كالصائم الذي لا يفطر من صيامه، والقائم الذي لا يفتر من قيامه، فهنيئا ثم هنيئا لأمثال هؤلاء الرحماء، فإن أحوج الناس إلى رحمتك يا عبد الله الأيتام والمحاويج، فلعلك بالقليل من المال تكفكف دموعهم، وتجبر كسر قلوبهم، فيكف الله نار جنهم عنك يوم القيامة، فقال صلى الله عليه وسلم ” فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة” رواه البخاري، وعن أبي موسى ألاشعرى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “على كل مسلم صدقة” قال أرأيت إن لم يجد؟ قال “يعمل بيديه، فينفع نفسه، ويتصدق” قال أرأيت إن لم يستطع؟ قال “يعين ذا الحاجة الملهوف” قال أرأيت إن لم يستطع؟ قال “يأمر بالمعروف أو الخير” قال أرأيت إن لم يفعل؟ قال ” يمسك عن الشر فإنها صدقة” متفق عليه، وعن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من عبد أنعم الله عليه نعمة، فأسبغها عليه، ثم جعل من حوائج الناس إليه، فتبرم، فقد عرض تلك النعمة للزوال” رواه الطبراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى