مقال

الدكروري يكتب عن المراهق والتمرد

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المراهق والتمرد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من أسباب التمرد عند بعض الشباب هو عيش المراهق في حالة صراع بين الحنين إلى مرحلة الطفولة المليئة باللعب وبين التطلع إلى مرحلة الشباب التي تكثر فيها المسؤوليات، وكثرة القيود الاجتماعية التي تحد من حركته، وضعف الاهتمام الأسري بمواهبه وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة، وتأنيب الوالدين له أمام إخوته أو أقربائه أو أصدقائه، ومتابعته للأفلام والبرامج التي تدعو إلى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية والعنف، وأن علاج تمرد المراهق يكون بالسماح للمراهق بالتعبير عن أفكاره الشخصية، وتوجيهه نحو البرامج الفعالة لتكريس وممارسة مفهوم التسامح والتعايش في محيط الأندية الرياضية والثقافية، وتقوية الوازع الديني من خلال أداء الفرائض الدينية والتزام الصحبة الصالحة ومد جسور التواصل والتعاون مع أهل الخبرة والصلاح في المحيط الأسري وخارجه، ولا بد من تكثيف جرعات الثقافة الإسلامية.

 

حيث إن الشريعة الإسلامية تنظم حياة المراهق لا كما يزعم أعداء الإسلام بأنه يكبت الرغبات ويحرم الشهوات، والاشتراك مع المراهق في عمل أنشطة يفضلها، وذلك لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول التوافق وبناء جسور التفاهم، وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة السلبية، وتجنب عبارات أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت دائما تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبدا، وهكذه من هذه العبارات الهدامه لأن هذه الكلمات والعبارات تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من العلاج، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد سبق الجميع بقوله “علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع”

 

ولقد اتضح من خلال دراسة ميدانية شاملة حول حالات زنا المحارم الذي أصبح منتشرا للأسف، أن معظم حالات زنا المحارم كانت بسبب النوم المشترك في نفس الفراش مع الأخت أو الأم أو غيرهم من المحارم، وهو ما حذرنا منه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله ” وفرقوا بينهم في المضاجع” واتضح بعد دراسه كامله عن زنا المحارم انتهت إلى نتيجة مؤداها، أن أحد أهم الأسباب لدى مرتكبي جرائم زنا المحارم هو الانخفاض الشديد في مستوى التدين، والذي لم يزد على أفضل الأحوال عن عشره بالمائة، وهذا عدا الأسباب الأخرى، مثل انتشار الخمر بين الطبقات الدنيا والوسطى، و اهتزاز قيمة الأسرة، والجهل، والفقر، وغير ذلك من التفكك الأسرى، وإن هذه الظاهرة ترجع إلى الزخم الجنسي وعوامل التحريض والإثارة في الصحف والمجلات والبرامج والمسلسلات والأفلام التي يبثها التلفاز والسينما.

 

وهنا توجد خطورة افتقاد القدوة وإلى أهمية التربية الدينية في تكوين ضمير الإنسان، وإن هذه المشاكل سببها الرئيسى هو عدم فهم طبيعة واحتياجات هذه المرحلة من جهة الوالدين، وأيضا عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها، ولمساعدة الوالدين على فهم مرحلة المراهقة، وقد حدد بعض العلماء واجبات النمو التي ينبغي أن تحدث في هذه المرحلة للانتقال إلى المرحلة التالية، ومن هذه الواجبات هو إقامة نوع جديد من العلاقات الناضجة مع زملاء العمر، وكذلك اكتساب الدور المذكر أو المؤنث المقبول دينيا واجتماعيا لكل جنس من الجنسين، وأيضا قبول الفرد لجسمه أو جسده، واستخدام الجسم استخداما صالحا، وأيضا اكتساب الاستقلال الانفعالي عن الوالدين وغيرهم من الكبار، واختيار مهنة والإعداد اللازم لها، وكذلك الاستعداد للزواج وحياة الأسرة، وتنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية للكفاءة في الحياة الاجتماعية.

 

وكذلك اكتساب مجموعة من القيم الدينية والأخلاقية التي تهديه في سلوكه، ويرى المراهق أنه بحاجة إلى خمسة عناصر في هذه المرحلة، وهي الحاجة إلى الحب والأمان، والحاجة إلى الاحترام، والحاجة لإثبات الذات، والحاجة للمكانة الاجتماعية، والحاجة للتوجيه الإيجابي، ويجب على الأهل استثمار هذه المرحلة إيجابيا، وذلك بتوظيف وتوجيه طاقات المراهق لصالحه شخصيا، ولصالح أهله، وبلده، والمجتمع ككل، وهذا لن يتأتى دون منح المراهق الدعم العاطفي، والحرية ضمن ضوابط الدين والمجتمع، والثقة، وتنمية تفكيره الإبداعي، وتشجيعه على القراءة والإطلاع، وممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، وتدريبه على مواجهة التحديات وتحمل المسؤوليات، واستثمار وقت فراغه بما يعود عليه بالنفع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى