مقال

الدكروري يكتب عن داء فتاك يهدد الأمم والمجتمعات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن داء فتاك يهدد الأمم والمجتمعات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن موضوع الإسراف والتبذير موضوع يجب أن يعالج معالجة دقيقة، ويجب أن نعتقد اعتقادا يقينيا بقوله تعالى فى سورة الإسراء ” إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” إذن فالكفار كانوا إخوان الشياطين، وذلك لأن الله تعالى حرم التبذير ونهانا عن الإسراف، ويؤكد سبحانه وتعالى بأن المبذرين كفار، فلذلك ينفق الإنسان كما أمره الله حين قال فى سورة الأعراف ” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا” وهذا فى كل شيء، فاسكن في بيت، وارتد الثياب، وتناول الطعام، وربى أولادك، وألبسهم، وأطعمهم، لكن بالمعقول، وبالاعتدال، من دون أن تفسدهم، من دون أن تجعلهم يتكبرون على الناس، فالإسراف يجب أن يعالج، فالإسراف في المباحات، والتبذير في المعاصي، فكما أن الله تعالى حرم التبذير فقد نهانا أيضا عن الإسراف، فيقولون غنى ولكن إذا كان معك أموال طائلة فهل يجب أن تستهلكها بأهداف خسيسة؟

 

فالمسلم وقاف عند كلام الله يحل ما أحلّ الله ويحرم ما حرم الله، وأما عن إباحة الذهب والحرير للنساء فيه حكمة بالغة، فهذان محرمان على الرجال، ومحللان للنساء، وأنه ليس هناك من حرج أن يصبغ الإنسان شعر رأسه إذا أراد تطبيقا للسنة، فإن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم سمح للرجل أن يغير لون شعره إذا علاه الشيب، وهذا مسموح، لكن إذا كان متقدما في السن كثيرا لا ينبغى أن يستعمل اللون الأسود، صبغ الشعر باللون الأسود يليق بأصحاب السن المعتدلة، أما الذى تقدم في السن كثيرا فينبغى أن يصبغ شعره بلون آخر، وإذا أبقاه على حاله فلا مانع، أى مسموح للرجل أن يغير لون شعر رأسه، لكن إذا خطب امرأة وكان يخضب شعره ينبغى أن يعلمها أنه يخضب وإلا غشها، فإن هذا من الأحكام الشرعية، فالنبى صلى الله عليه وسلم جيء له بوالد أبي بكر الصديق رضى الله عنه فلما وقف بين يدي النبى صلى الله عليه وسلم.

 

كان رأسه كأنه الثغامة بياضا، فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد” رواه مسلم” وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم” رواه البخارى ومسلم، إذن ليس هناك من حرج أن يصبغ الإنسان شعر رأسه إذا أراد تطبيقا للسنة، وإن من فضل الله تعالى علينا أن شرع لنا دينا قيما، وجعلنا بين الأمم أمة وسطا، وسطا في الأحكام والشرائع، ووسطا في الآداب والفضائل، وإن من معالم تلك الوسطية المباركة ما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم عند ذكر صفات أحبابه والخلص من عباده، وأن الله عز وجل أنعم عليكم نعما عظيمة كثيرة، فكان من ذلك أن أغناكم بعد فقر، وأطعمكم بعد جوع، وهداكم بعد ضلالة، وفتح لكم من أبواب الخير وسبل الرزق ما لم يكن لكم على بال، وإن الإسراف والتبذير داء فتاك

 

يهدد الأمم والمجتمعات، ويبدد الأموال والثروات، وهو سبب للعقوبات والبليات العاجلة والآجلة، وأن الإسراف هو سبب للترف الذي ذمّه الله تعالى وعابه وتوعد أهله في كتابه، فإياكم أن تكونوا من المترفين، فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة، والتبذير والإسراف سبب يؤدي بصاحبه إلى الكبر وطلب العلو في الأرض، والإسراف والتبذير يؤدي إلى إضاعة المال وتبديد الثروة، فكم من ثروة عظيمة وأموال طائلة بددها التبذير وأهلكها الإسراف وأفناها سوء التدبير، ولقد أغناكم الله من بعد فقر، وأطعمكم بعد جوع، وفتح لكم من أبواب الخير والرزق، مالم يكن لكم على بال، و مالم يعشه أباكم وأجدادكم، بل أنتم في نعم وخيرات، لم يدركها خير الورى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ، فقدروا للنعمة قدرها، واشكروا الله تعالى على ذلك حق شكره ، واحذروا من الاسراف والتبذير بشتى صوره، ويرى بعض العلماء أن التبذير والإسراف مترادفان.

 

إذ كلاهما تضييع للمال، غير أن أكثر العلماء يفرق بينهما، ويقول الإمام الماوردي، اعلم أن السرف والتبذير قد يفترق معناهما، فالسرف هو الجهل بمقادير الحقوق، والتذبير هو الجهل بمواقع الحقوق، وكلاهما مذموم، وذم التبذير أعظم، لأن المسرف يخطئ في الزيادة، والمبذر يخطئ في الجهل، واعلموا أن الإسراف والتبذير، مسلك خطير، وداء مهلك، ومرض ينبت أخلاقا سيئة، ويهدم بيوتا عامرة، وقد جاء التحذير منه في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه في سورة الإسراء “وآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” وإن ما تصاب به النفوس عند الغنى وكثرة العرض ووفرة المال التجاوز والطغيان، ولما فُتح الله عز وجل علينا من الدنيا ما فتح وتوالى على كثير منا النعم، اغتر فئام من الناس بهذا الطيف العارض والظل الزائل، فطغوا وتجاوزوا حدود الله تعالى، فأسرفوا وبذروا وتخوضوا في مال الله بغير حق، فظهر في حياة الناس مظاهر الإسراف والتبذير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى