مقال

الدكروري يكتب عن صفات الشخصية المسلمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صفات الشخصية المسلمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من صفات الإنسان المسلم هو الحرص علي العمل، فالعمل في الإسلام طريق العزة فيقول عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه “إني لأبغض الرجل الفارغ من العمل لا هو في عمل الدنيا ولا عمل الآخرة” والعمل في الإسلام له شرف كبير لامثيل له في غيره من الأديان , فالإسلام لا يقر البطالة والكسل والإسلام يرى الحرفة والصنعة من أطيب المكاسب، فالكسب الحلال طريق إلى رحمة الله تعالى، فالعمل والكد والسعي على العيال في طلب العيش تكفر ذنوبا كثيرة، فإن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صلاة ولا صوم ولاحج ولا صدقة ولكن يكفرها السعي على المعاش، ومن صفات المسلم أنه يحرص على الكلمة الطيبة، فإن صاحب الكلمة الطيبة يتصف بالعقل والحكمة وهو بعيد النظر عند التحدث بالكلمة لأنه لماح ينظر في الأمور وعواقبها قبل أن ينطق بها، وفى الكلمة الطيبة شفاء لما فى الصدور وراحة الضمير واطمئنان القلوب وإشاعة السرور.

فهي تمحى آثار الشحناء والبغضاء، وهي كالدواء الناجح سريع المفعول والتأثير ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” الكلمه الطيبة طدقة” رواه البخارى، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ” رواه مسلم، وعن أبى ذر الغفارى رضى الله عنه قال “رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاتين تنتطحان، فقال” يا أبا ذر أتدري فيما تنتطحان؟ قلت لا، قال ” ولكن ربك يدري، وسيقضي بينهما يوم القيامة” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يقتص الخلق بعضهم من بعض، حتى الجماء من القرناء، وحتى الذرة من الذرة” فيقول الله عز وجل فى سورة غافر ” اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب” في هذا اليوم العصيب والمشهد الرهيب يلفت النبي صلى الله عليه وسلم أنظارنا وأنظار أصحابه إلى نوعية من الناس.

من هذه الأمة كانت لهم أعمال صالحة من صلاة والصيام وزكاة وغيرها، كابدوا الليل من اجل الصلاة، وكابدوا حر النهار من أجل الصيام، وقهروا نفوسهم في حب المال فأنفقوه في سبيل الله، وآتوه على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، وعملوا الصالحات، وفارقوا الملذات، وهجروا المحبوبات من أجل رضا وثواب رب الأرض والسموات، وكانوا صادقين في ذلك كله، حتى قبله الله منهم وأثابهم عليه، ورأوا ثواب أعمالهم وجبال حسناتهم، وظنوا أنهم قد نجوا، ولم يبق إلا أن يأذن الله لهم في دخول الجنة، ولكن كانت المفاجأة كما جاء في حديث ابن مسعود رضى الله عنه عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” ترفع للرجل صحيفة يوم القيامة، حتى يرى أنه ناج، فما تزال مظالم بني آدم تتبعه حتى ما تبقى له حسنة، ويزاد عليه من سيئاتهم” فهم أناس ظلمهم في الدنيا من بني آدم، ولم يقل مسلمون أو صالحون، وإنما في الحديث مظالم بني آدم.

أي ولو كانوا كافرين، فإذا بهم يطالبون برد المظالم التي ظلموهم إياها، فرجل يقول يارب أنصفني من هذا فقد شتمني، وآخر يقول يارب رد علي مظلمتي فقد اغتابني، وآخر يقول يارب أخذ مني مالا بغير وجه حق، وأخت تقول يارب منعني ميراثي، وولد يقول لم يعلمني ديني، وآخر يقول يا رب ضربني، وغير ذلك الكثير والكثير من المظالم، وإذا بمنادى يناديهم بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرُب أَنا الملك، أَنا الدّيان لا ينبغي لأحد من أَهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أَهل النار يطلبه بمظلمة، ولا ينبغي لأحد من أَهل النار أن يدخل النار وأحد من أَهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمةَ، قال، قلنا كيف هذا وإنما نأتي غرلا بُهما؟ قال بالحسنات والسيئات ” رواه وحسنه الألبانى، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس إلى أصحابه بين لهم الحقائق، ويصحح لهم المفاهيم، ويلفت انتباههم إلى ما غاب عنهم أو التبس عليهم.

وكثيرا ما كان يجلي لهم الفارق بين قوانين الدنيا وقوانين الآخرة، وبين موازين الله وموازين العباد، فجلس معهم ذات يوم فسألهم “كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال ” إن المفلس من أمتى” يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ” رواه مسلم، فلقد حدثوه صلى الله عليه وسلم عن مفاليس أهل الدنيا، وحدثهم صلى الله عليه وسلم عن مفاليس يوم القيامة، فحدثوه عن الإفلاس المؤقت، وحدثهم عن الإفلاس الدائم، فحدثوه صلى الله عليه وسلم عن إفلاس قد يأتي بعده غنى ويستغني صاحبه بعده.

وحدثهم عن إفلاس لا غنى بعده أبدا، فحدثوه عن إفلاس ربما لا يضر بدين صاحبه، وحدثهم عن إفلاس يدخل صاحبه النار، فإنه يوم العدل المطلق، فلا ظلم اليوم، فيقتص الله للمظلومين، فيأخذ من حسنات هذا المحسن الظالم، ويعطي المظلوم، فما زالت الحسنات تؤخذ منه وتنقل من ميزانه إلى ميزانهم وهو ينظر حتى تفنى كلها، فإذا بقي مظلومون ولا حسنات، أخذ من سيئات المظلوم فطرحت على هذا المسكين ثم يطرح في النار، فيا لها من حسرة، ويا لها من مصيبة، ويا له من إفلاس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى