مقال

الدكروري يكتب عن ضرورة من ضرورات الحياة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ضرورة من ضرورات الحياة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأمانة ضرورة من ضرورات الحياة، ولابد من العناية بها حتى تتحقق للمجتمع السعادة، والاطمئنان، ومن أهم المنطلقات لترسيخ الأمانة، هو ضرورة قيام الأسرة، والمدرسة تحديدا بتنشئة الأطفال على الإيمان، وغرسه في نفوسهم، بل وإرضاعه مع لبن أمهاتهم حتى يتغلغل في أحشائهم، وعروقهم فتكون أقوالهم، وأفعالهم، وسكناتهم، وحركاتهم، بالإيمان تسير، وتتحرك، وكذلك تكثيف الأنشطة الدعوية، مع تنويع أساليب ووسائل الدعوة، والحرص على إبراز صور من حياة السلف، وصور من حياة الخلف في محافظتهم للأمانة، وأيضا وضع الضوابط، والعقوبات المناسبة لكل من تثبت الخيانة في حقه، سواء كان عاملا، أو تاجرا، أو طبيبا، أو مهندسا، أو معلما، وعدم التهاون في ذلك، فإن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وكذلك أهمية قيام القدوات في المجتمعات الإسلامية بالمحافظة على الأمانة في أقوالهم، وأفعالهم.

 

وفيما كلفوا به من مهمات، ومسؤوليات حتى يكونوا قدوة حسنة لغيرهم من أفراد المجتمع، وكذلك قيام وسائط التربية الأخرى مثل المسجد، والمجتمع، والإعلام بوسائله المختلفة بأدوارهم الأساسية في نشر مفهوم الأمانة، وأهميته، وبيان النتائج السلبية لضياع الأمانة، فيا أيها الناس، اتقوا الله ربكم، وأطيعوه فيما أمركم، واحذروا ما عنه نهاكم وزجركم، فسبحانه وتعالى القائل فى سورة النور “ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون” واعلموا أن الأمانة من أعظم ما به أمرتم، وأن الخيانة من أعظم ما عنه نهيتم وزجرتم، فقد أمرتم بأداء الأمانة معشر المؤمنين، ونهيتم عن الخيانة فلا تكونوا من الخائنين، وإنما حمّلكم الله الأمانة إذ كنتم لها مؤهلين، وعليها قادرين، وذلك لما ركب فيكم سبحانه وتعالى من العقول التي بها تفقهون، والبصائر التي بها تبصرون، فأدوا أماناتكم، تكونوا ممن عناهم الله بقوله تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون.

 

“والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، والذين هم على صلواتهم يحافظون، أولئك هم الوارثون، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون” واحذروا تضييع الأمانة فإنها من خصال المنافقين أولي الكذب والخيانة، وكفى بوعيد الله لهم في القرآن زجرا وتحذيرا، فقال تعالى فى سورة النساء “إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال “إنه لا إيمان لمن لا أمانة له” وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم “إنه لا دين لمن لا أمانة له، ولا صلاة له، ولا زكاة له” فما أعظم شأن الأمانة بها يثبت الإيمان، وعليها تقوم الديانة، فهي قرينة الإيمان، ولا يقبل الله عبادة الخوّان، فالخيانة برهان النفاق، وهي في الناس من مساوئ الأخلاق ولذا جاء في الدعاء المأثور “اللهم إني أعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة، وأعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع”

 

فأدوا أماناتكم إلى أهلها، ولا تخونوا من خانكم مقابلة للسيئة بمثْلها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أدى الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” واعلموا أن الفقه في الدين من أعظم أسباب زيادة الإيمان وتمام الأمانة، وأن مجانبة التقوى وإيثار الحياة الدنيا مِن أخطر أسباب نزع الأمانة وثبات الخيانة، فتفقهوا في الدين، واعملوا مخلصين لرب العالمين، على هدي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، تكونوا من أهل الأمانة وتحشروا يوم القيامة آمنين، والصلاة عند العبد أمانة لله، ائتمنه الله على طهارتها ووقتها، وكيفيتها ونيّتها وغير ذلك من أحكامها فهي شرط الإيمان، وعمود الدين الذي يقوم عليه ما له من بنيان، وهي آخر ما يفقد من الدين، وإذا فقد آخر الشيء صار فاقده من المعدمين فأقيموا الصلاة، وحافظوا على ما لها من الأركان، والواجبات والمستحبات، وحافظوا عليها في سائر الأوقات، وأدوها في المساجد مع الجماعات.

 

واعلموا أن الصلاة مكيال فمن وفى، وفى الله له، ومن طفف فقد سمعتم ما توعد الله به المطففين من الويل والنكال، وإن الزكاة من أعظم الأمانات، أوجبها الله في مال الغني للفقير، وجعلها من أسباب البركة والتزكية والتطهير، وكم فيها من تنفيس الكروب والتيسير والأجر الكبير، فأدوا الأمانة فيها فإنها آية الإيمان، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال “والصدقة برهان” وكذلكم فإن الصيام أمانة فإنه سر بين العبد وربه، فلا يطلع إلا الله على قصده إذ لو شاء الصائم لأبطل صيامه ولو بفساد نيّته، لكن يمنعه من ذلك ما في قلبه من تعظيم الله وخشيته، بل يصوم لله احتسابا، وهنيئا له بمغفرة الذنوب وبالجنة ثوابا، والغسل من الجنابة أمانة، وطهارة المرأة من الحيض والنفاس بعد الطهر أمانة، فلا بد من أداء هذه الأمانة، بأداء الواجب فيها على وجه الديانة، وإلا كان ذلك فضيحة وندامة يوم القيامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى