مقال

الدكروري يكتب عن كل امرئ في ظل صدقته

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كل امرئ في ظل صدقته

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من الأعمال الجليلة المرجوه المحمودة هى الصدقة، فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “كل امرئ في ظل صدقته حتى يُقضى بين الناس” وإن الجواد هو من جاد بحقوق الله تعالى فى ماله، والبخيل من منع حقوق الله عز وجل، وبخل على ربه سبحانه وتعالى، وإعلموا أن الصدقة تمحو السيئة وتكفر الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وتجلب رحمته، وتدفع عنك ميتة السوء، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء” رواه الترمذى، كما ادعوكم بصلة الرحم من المحتاجين بهذه الصدقة، فكلما أعطيت الصدقة لأقاربك، كان الأجر أعظم، فعن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذى رحم اثنتان صدقة وصلة” رواه النسائى.

 

وأما عن الزكاة فإن الزكاة فى اللغة تعنى النماء، والزيادة، والطهارة، والبركة، فيقال زكى الزرع إذا نما وزاد، ويقول تعالى فى سورة الأعلى” قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى” وقد روى البيهقي عن نافع مولى ابن عمر رضى الله عنهما أنه يقول نزلت هذه الآية في زكاة رمضان، وقال أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول “قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى” ثم يقسم الفطرة قبل ان يغدو إلى المصلى يوم الفطر، واستشكل البعض أن السورة مكية وأن زكاة الفطر إنما شرعت بالمدينة، لكن قد يتأول هذا بأن الآية تدل على ذلك بالإشارة لا أن زكاة الفطر سبب نزولها بالمعنى الاصطلاحى، فإن الصدقة تقع فى يد الرحمن قبل أن تقع في يد أخيك الفقير ففي المعجم للطبرانى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال.

 

“ما نقصت صدقة من مال قط وما مد عبد يده بصدقة إلا ألقيت في يد الله قبل أن تقع في يد السائل” وفي مسند الإمام أحمد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الرجل إذا تصدق بتمرة من الطيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وقعت فى يد الله فيربيها له كما يربى أحدكم فلوه أو فصيلة حتى تعود فى يده مثل الجبل” فإن الزكاة من بين أركان الإسلام شرعة الحق، والتكافل الاجتماعى الذى يحفظ على المجتمع توازنه، بالعطف، والمودة، والإيثار، ونقاء السريرة، ونبذ سموم الأَحقاد والتحاسد، هذه منزلتها، وهذا أَثرها كما رسمه الإسلام العظيم لأتباعه إلا أن الواقع يعطي شهادة بالإدانة على الأغنياء لصالح الفقراء، فلو أعطى كل غنى حق الله من مال الله لعباده الفقراء، ما بقى فى الدنيا فقير، ولا مسكين، ولا جائع.

 

وأغنياء المسلمين فى العالم لا يحدهم التعداد من كثرتهم ولكن أرقام الذين يفارقون الحياة بسبب الجوع، أو المرض، يصيب النفس بالهلع والغثيان، إضافة إلى قائمة الضرورات الحياتية المهمة التى يفقدها المحرومون من أدنى الحقوق فى أقطار المعمورة من المسلمين، وإذا هدم الأثرياء من المسلمين ركنا عظيما من أركان هذا الدين، فإن إيمانهم كله فى خطر، على اعتبار أن القائم بأركان الإسلام الخمسة، والمراعى لها يقيم الدين كله، فعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما، قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” بُنى الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان” رواه مسلم، وكيف ينسى المؤمن حقا أوجبه الله عليه لأخيه الفقير، فقال تعالى ” وفى أموالهم حق للسائل والمحروم”

 

فالزكاة هى بركة مال الغنى وسد حاجة الفقير، وبها يعيش الطرفان في جو من الود والمحبة، وإن للزكاة فضائل مهمة، وآثار اجتماعية، ومنافع دينية، تلخص هدف الإسلام فى إرساء قواعد البِر، والتعاون المبني على أسس شرعية، ولذلك كانت من أهم وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه، حين ابتعثهم للبلاغ، وبيان الإسلام، فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن، فقال “إنك تأتى قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله” ولأجل ذلك كانت وقفة الصديق أبي بكر رضي الله عنه لما منع الأعراب الزكاة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا أبا بكر، أتريد أن تقاتل العرب؟

 

قال، فقال أبو بكر إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة” والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم عليه، قال عمر فلما رأيت رأى أبي بكر قد شرح عليه، علمت أنه الحق ” وقد يتعلل أحد الناس بأنه يدفع كثيرا من الضرائب التى تفرضها الدولة، وبالتالي يقوم بخصم نسبة الضرائب من حظ الزكاة، وهذا خلط للأمور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى