مقال

الدكروري يكتب عن جبر النفوس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن جبر النفوس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

يا من أصيب بالمرض، ويا من فجعه المرض، ويا من سقط على فراش المرض طريحا لا يستطيع أن يتقلب يمنة أو يسرة، ويا من أصابته الحمى فأنهكته وأهلكته وجلس على الفراش لا يدري هل هو حي أم ميت؟ إعلم إن نبي الله أيوب عليه السلام كان يملك مالا عظيما، وجاها، وأهلا، وأولادا، وأنعاما، وصحة، وبدنا قويا، فخسر كل هذا، ولكن ما الذي بقي له؟ بقي له لسان يذكر الله به، وقلب يعقل، فإن هذا الرجل العظيم جلس على الفراش سبع عشرة سنة يقاوم المرض، ليس عنده إلا زوجته تطببه وتداويه، سبع عشرة سنة على فراش المرض، ولقد كان جبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين “اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني واجبرني وارزقني” رواه الترمذي، والجبر عادة يقال عن العظم وهو أكثر ما يؤلم عندما يكسر.

 

فنضع له جبيرة كى يلتئم وعكس الجبر، هو الكسر، ولكم أن تتخيلوا كم هو مؤلم كسر العظام ومعروف إنها لا تلتئم بسهولة وأحيانا يترك الكسر شروخا، لذا سمى بالجبر لأنه يحتاج وقتا ولا يأتى ببساطة لأن عادة الجبر يكون لكسر موجع، والخاطر هو القلب أو النفس فيقال أخذ على خاطره، يعنى حزن وقلبه تأثر، وجبر الخواطر بسيط جدا ولكن الأنانية دائما عند البشر تطغى، نخشى من أى فعل من ناحيتنا فى معظم الأحيان من أجل أنفسنا أو الأنا المتضخمة داخلنا، فى العلاقات الزوجية مثلا لا يجبر الزوج خاطر زوجته لأن تطييب الخاطر فى ثقافتنا الخاطئة التى تربينا عليها تقليل قيمة، وفى شجاراتنا تجدنا نفكر فى أنفسنا قبل غيرنا ولا نحاول أن نضع أنفسنا مكان الطرف الآخر، ونفكر دوما بمنطق لماذا أفعل أنا هذا ولا يفعله هو؟ لماذا أبدأ أنا فى الاعتذار ولا يبدأ هو؟ وكالعادة معظمنا لا يعترف حتى أمام نفسه بأنه مخطئ.

 

وكالعادة معظمنا لا يعترف حتى أمام نفسه بأنه مخطئ، مع أننا من الممكن بكلمة طيبة صادقة أن نذيب جبلا من الجليد، جبر خاطر غيرك سينقى قلبك أنت، فاجبر بخاطر أهلك فأنت لا تضمن إلى متى هم معك، واجبر بخاطر أصدقائك فالكلمة الطيبة صدقة، وجبر الخواطر صدقات موزعة، فإن لجأ إليك أحد أعنه ولا تستفرد به أو تستغل ضعفه أو حاجته إليك فتؤنبه أو تتخل عنه، وإن جبر الخواطر خلق عظيم وهو يعني مداواة القلب والنفس من الحزن، وجبر الخواطر عباده هامة يغفل عنها الكثير، فجميعنا نحتاج إلى هذه العبادة التي تقربنا من الله عز وجل، ويمكن أن يكون جبر الخاطر بالكلمة الطيبة أو السؤال والزيارة أو الاعتذار، أو الدعاء أو الابتسامة أي كل ما يدخل السعادة والفرح على قلوب الناس، وإن جبر الخواطر من صفات الأنبياء بالطبع فجميع الأنبياء يتسمون بالرحمة وحسن المعاملة وطيب القلب.

 

وأن جبر الخواطر له أشكال عديدة ومواقف كثيرة فعلها الأنبياء وفعلها الناس من بعدهم ومن أمثلة جبر الخواطر عندما تعطي طفل فقير بعض الحلوى أو هدية صغيرة تفرحه وتدخل السعادة في قلبه، وعندما يفاجئ الزوج زوجته أو العكس لإظهار المحبة والمودة بينهم ولتخفيف مشاكل الحياة الزوجية، وعندما يطلب أحد منك مساعدة ما ولكنك لا تستطيع مساعدته فتقوم بالرد عليه بكلمه طيبة أو ابتسامة تطيب خاطره، بينما عندما نجد شخص مريض لا يستطيع أن يقوم بفعل شيء معين، فتفعله بدلا عنه ذلك نوع من أنواع جبر الخواطر، وعندما نجد شخص حزين أو محبط من شي فتشجعه وتطيب خاطره وتزيح همه، وكثيرا ما نسمع كلمة جبر الخواطر وأن الله سبحانه وتعالى هو جابر الخواطر ولكن ما معنى جبر الخواطر علي الله؟ فذكر الله سبحانه وتعالى بعض الآيات القرآنية التي تدل على أهمية جبر الخواطر ومنها قوله تعالى.

 

فى سورة يوسف ” فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون” فنزلت الآيات السابقة من الله تعالي إلي قلب نبى الله يوسف عليه السلام لجبر خاطره، وذلك بعد ظلم إخوته له، ويقول سبحانه وتعالى فى سورة الضحى “ولسوف يعطيك ربك فترضى ” حيث تدل هذه الآية على حالة الرضا التي يجب أن يصل إليها المؤمن فيجبر الله خاطر كل من يلجأ إليه، وأيضا حديث الرسول صلي الله عليه وسلم عن جبر الخواطر، فقال رسول الله صلى عليه وسلم “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة” فيجب عليك أن تقدم المعروف للجميع مهما كانت نواياهم فاجعلها في سبيل الله، واصنع المعروف واجعله ابتغاء لمرضاة الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى