مقال

الدكروري يكتب عن مفهوم الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مفهوم الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الإسلام هو التعبد لله سبحانه وتعالى بما شرع، والإستسلام له عز وجل بطاعته ظاهرا وباطنا، وهو الدين الذي امتن الله تعالي به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته، وجعله دين البشرية كلها إلى قيام الساعة، ولا يقبل من أحد سواه، وإن العبد المؤمن يجب أن يكون لدية يقين تام بالله عز وجل أنه ناصره وأنه عز وجل بجانبة ولم يتركه أبدا وأن أمره تعالي له كله خير، فهذا هو شاب خرج من قريته بعد أن تآمر القوم على قتله، خرج خائفا فقيرا جائعا يتوقع الشر في كل لحظة، هاربا من بطش الظالمين، شاب أنهكه التعب والجوع والظمأ، لا يملك لا مالا ولا متاعا، شاب مشى حتى انتهى به المطاف إلى قرية ليستريح فيها، وما كاد يجلس على الأرض ليستريح من عناء السفر حتى رأى منظرا استفز فيه رجولته ونخوته ودينه، فيا ترى ماذا رأى؟

 

فقد رأى فتاتين عفيفتين طاهرتين تتحاشيان الاختلاط بالرجال معهما أغنامهما وعلى الرغم من أنه لا يعرفهما وليس له حاجة عندهما إلا أنه رأى أنها فرصة لأن يكسب الأجر عند الله بقضاء حاجتهما، فسقى لهما ثم بعد أن أنجز تلك المهمة لم يطلب منهما أجرة ما عمل أو انتظر منهن كلمة شكر، إنما تولى إلى الظل ليستظل من تلك الحرارة الشديدة، فيا ترى من هو هذا الشاب؟ إنه رسول من أولي العزم من الرسل، إنه كليم الله موسى عليه السلام، ولكن هل ذهب عمله ذلك هباء منثورا؟ لا والله لقد تكفل بثمن عمله رب العالمين، فكان نتيجة قضاء حوائج المسلمين، وكشف كرباتهم، أمان بعد الخوف ورزق بعد الفقر وزوجة بعد العزوبة هذا جزاء في الدنيا حصل عليه نبي الله موسى عليه السلام، فكيف بجزاء الآخرة؟

 

فإذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق بنا به الصدر الرحيب، وأوطأت المكارم واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب، ولم تري لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب، أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب، وكل الحادثات إذا تلاهت فموصول بها فرج قريب، فاللهم فرج كرباتنا، وفرج همومنا وأحزاننا، اللهم واجعل لنا من رحمتك نصيبا موفورا، واللهم واجعلنا من عبادك الصلحاء الأتقياء الأخفياء، وإن العبد في هذه الحياة لا يخلو من حالين، إما حصول محبوب أو وقوع مكروه فالمؤمن الصادق يقابل المحبوب بالشكر، والمكروه بالصبر، ومهما عظمت مصيبتك، وكبر همك، وازداد غمك، فاعلم أن مع العسر يسرا، ومع الكرب فرجا، فيخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة بعد أن أخرجه قومه منها وحاولوا قتله.

 

يخرج متخفيا مع صاحبه والقوم يشتدون في طلبه، وتتجمع العرب قاطبة على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في المدينة تستهدف استئصالهم والقضاء عليهم، وينقض اليهود من داخل المدينة عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشتد الأمر والكرب، لكنه الإيمان الراسخ كالجبال الشم الراسيات بأن مع العسر يسرا، وأن مع الخوف أمنا، وبعد الذل غلبة ونصرا، هكذا هو حال المؤمن الموحد الذي يثق بأنه لا مدبر لهذا الكون سوى الواحد الأحد الذي لا تخفى عليه خافية فهو سبحانه وتعالى القائل ” الذى يراك حين تقوم، وتقلبك فى الساجدين” يبتلي عباده بالسراء والضراء، والنعمة والبأساء، والصحة والمرض، والغنى والفقر، فهو سبحانه القائل” ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون”

 

فيا من شكا الخطوب، وعاش وهو منكوب، ودمعه من الحزن مسكوب، يامن داهمته الأحزان، وبات وهو سهران، وأصبح وهو حيران، يامن هده الهم وأضناه، وأقلقه الكرب وأشقاه، وزلزله الخطب وأبكاه، أنسيت أمن يجيب المضطر إذا دعاه، للمرض شفاء، وللعلة دواء، وللظمأ ماء، وللشدة رخاء، وبعد الضراء سراء، وبعد الظلام ضياء، كان بلال يسحب على الرمضاء، ثم رفع لرفع النداء، وكان يوسف مسجونا في الدهليز، ثم حكم مصر بعد العزيز، فعسى أن تكون الشدة أرفق بك، والمصيبة خيرا لك، فإذا ضاقت بك السبل، وانقطعت بك الحيل، فالجأ إلى الله عز وجل، واعلم أن الشدائد ليست مستديمة، ولا تبقى برحالك مقيمة، والدنيا أحوال، وألوان وأشكال، ولن تدوم عليك الأهوال، فسوف تفتح الأقفال، وتوضع الأغلال.

 

والشدائد تفتح الأسماع والأبصار، وتشحذ الأفكار، وتجلب الاعتبار، وتعلم التحمل والاصطبار، تذيب الخطايا، وتعظم بها العطايا، وهي للأجر مطايا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى