مقال

الدكروري يكتب عن الأمين والرقيب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأمين والرقيب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأمين يعلم أنه مراقب على عمله، والرقيب هو الله، مسؤول عن وظيفته ومسؤولياته، والسائل هو الله والأمين يعلم أن الغش في الوظيفة يجر عليه ويلات الدنيا والآخرة، في الدنيا يفضحه الله، فيكتشف الناس كذبه، وخيانته، وتزويره، فيعيش بقية عمره ذليلا مهينا، مشارا إليه بأصبع المكر والخيانة، وإن الأمين يجعل نفسه طوع يد من استأمنه، الذي ما اعتلى منصبه إلا بسبب ثقته فيه، وحسن ظنه به، فيحرم عليه أن يشق على الناس، أو يتماطل في قضاء مصالحهم، أو يتأخر في مد يد العون إليهم فقال تعالى ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” وقال النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا، فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به” مسلم.

 

وإن الأمين يعلم أن في الاحتجاب إذلالا للناس الذين قصدوا نفعه، واستضعافا لأصحاب الحاجات الذي أملوا معونته، وإضاعة لحقوق من توسموا خدمته وإنصافه وقد خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم في العمال فقال “إني استعملكم على أمة محمد لتقيموا بهم الصلاة، وتقضوا بينهم بالحق، وتقسموا بينهم بالعدل، ولا تجلدوا المسلمين فتذلوهم، ولا تضيعوا حقوقهم فتفتنوهم” والأمين عفيف عن أخذ الرشاوى والهدايا، ينظر إلى ما في يده، ولا يتطاول إلى ما في أيدي الناس، ويقنع بحلال رزقه، ولا يلتفت إلى مال غيره ومن فعل، فقد صدق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليأتين على الناس زمان، لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام” رواه البخاري.

 

وقد ورد في الصحيح “أن أول ما ينتن من الإنسان بطنه، فمن استطاع أن لا يأكل إلا طيبا فليفعل” رواه البخاري، فاحذر أن يأتي المظلوم يوم القيامة آخذا بتلابيبك، مطالبا إياك بحقوقه التي ضيعتها، وبحاجاته التي نسيتها، يوم لا يكون المقابل درهما ولا دينارا، ولا ملكا ولا عقارا، إنما هي الحسنات والسيئات واللبيب من عرف قدره، وأدى الذي عليه، فما أهلك المجتمعات الإسلامية مثل ضياع الأمانات، وما قوى من أطماع غيرنا فيها مثل تسابقنا إلى الدنيا، واقتناص مناصبها، والفرح بملذاتها، حين صار هَم كثير منا احتواش الدرهم والدينار، بحق أو بغير حق، بكفاءة أو بغير كفاءة، باقتدار أو باحتيال، مما لا يبقى معه إلا انتظار الساعة، ولقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم كذلك بالنظام في الاصطفاف للحروب.

 

فقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بني عدي بن النجار، قال ابن هشام يقال سوّاد مثقلة، وسواد في الأنصار غير هذا، مخفف وهو مستنتل من الصف قال ابن هشام ويقال مستنصل من الصف فطعن في بطنه بالقدح، وقال صلى الله عليه وسلم استوي يا سواد، فقال يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال فأقدني، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال “استقد ” قال فاعتنقه فقبّل بطنه، فقال صلى الله عليه وسلم “ما حملك على هذا يا سواد؟” قال يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك يا رسول الله، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير”

 

وكما إننا نتعبد لله سبحانه وتعالى، بالصلوات الخمس في اليوم والليلة، وكل صلاة يجب أن يسبقها طهارة ووضوء، وكل صلاة لها وقت، وعدد من الركعات، ولها كيفية وهيئة تؤدى بها، يجب على كل مصلي أن يلتزم بها، ولا يخرج عن نظامها، وإلا صار مخالفا لنظام الصلاة، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول ” استووا” وإن الدنيا نادى عليها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وقال بأنها لا تساوى عند الله جناح بعوضه، وعندما نادت هى عليه وقالت له يا محمد انظرنى أسألك فلم يلتفت اليها وعلم النبى الكريم صلى الله عليه وسلم حقيقة الدنيا وعلم أصحابه هذه الحقيقه فباعوا الدنيا واشتروا الآخره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى