مقال

فلسطين الوطن المستحيل

جريدة الاضواء

فلسطين الوطن المستحيل

 

كتب / يوسف أحمد المقوسي

 

السياسة والاخلاق ضدّان. لا دور للفضيلة في الحياة الاقتصادية. لا دور للقيم في بلوغ القوة. الطلاق تام بين الاخلاق والسلطة. كل ما يساعد على النجاح مسموح وواجب. من الضروري أن يكون الساعي الى الحكم، وحشاً بثياب نعجة.

في ظل هذا الحاكم، تزداد الجريمة ويعم النهب. في السياسة، معيار قيمتها، نجاحها، حتى ولو كان الارتكاب الفظيع وسيلتها. فكل حقيقة غير مفيدة لبلوغ السلطة لممارسة الحكم، يلزم اسقاطها من جدول أعمال أي كائن سياسي. فالسياسة اخيراً، شأن لا اخلاقي.

لو طبقنا ذلك على “السلطات الفلسطينية ”، لأيقنَا انَ الطبقات السياسية والقوى المذهبية، خالية من أي قيمة اخلاقية. ليس المطلوب ان يكونوا قديسين او حنفاء أو (أي لقب ديني)، بل ان تكون شرورهم معتدلة. ما انجزته طبقة اولياء امر القوى المتدينة والمتدنية الفلسطينية، كان عظيماً جداً. مأساويا جداً. غير مسبوق في تاريخ فلسطين . سيشتهر كتاب “غينيس” على حساب الزعامات الفلسطينية، التي حطمت الارقام السياسية من جعل الانهيار فضيلة عظمى. اذ، بالانهيار، يتوه الشعب بحثاً عن لقمة حياة، ويتحصن القراصنة الحزبيون، خلف اتهامات، يعجز الشيطان أن يأتي بمثلها.

 

شياطين السياسة في فلسطين اذكياء، بل عباقرة، وهم من اتباع العبقري مكيافيلي. حرّضوا ضحاياهم لأجل عبادتهم. في فلسطين مئات الآلاف من عبدة الاصنام.

 

انها لبلد مخيفة فلسطين . انها تثير الهلع. ولكنها مدمنة على الرقص في الكوارث. في يونيو حزيران عام 2007 قُتلت فلسطين … ثم. لا محاكمة ولا حقيقة ولا اعتراف. ان القضاء الفلسطيني، قضى على فلسطين لأنه يرضع من بز الأصنام .

 

أقتل.إذا لم تقتل تُقتل. هذا واجب فلسطيني . وللقتل فنون كثيرة. هناك القتل الصارم. بلوغاً الى القتل الناعم. أنت في فلسطين غير آمن. لا شيء تستند اليه. لا دين له. دينه حثالة افعال متكررة. لا قيم له. قيمته ان يسأل عن حصته في كل موقعة او مشروع او انتخاب. اخلاقه من السفالة التي تجعله يلبط الآدمية ويروج للحيوانية المذهبية. وفي المذهبية صراع حيواني شرس. فلسطين طريدة مستدامة، تعيش دائماً على حافة الهاوية الى ان هوت.

 

هذه هي فلسطينكم التي نعرفه. ومع ذلك، تأخذنا “القيادات” الى بدايات حرب لن تقع. ولكن الاستعداد الكاذب لها، يرتع من خلال الشاشات والصحف والتصريحات. يشعر الفلسطيني انه على فوهة مدفع. الحرب الاهلية خلفه، وأشباحها ماثلة، والحرب الإسرائيلية امامه. خطوة الى الامام، وتندلع، وإن لم تندلع، فان الخسائر تكون قد وقعت بلا طلقة.

 

الفلسطينيون اليوم، أسرى المستحيلات. إياكم والأمل. الانتخابات لم تكن أملاً البتة. كانت عملية نصب واحتيال. الشعب الفلسطيني “كومبارس”. لا أحد يستطيع ان يضع نقطة نهائية او فاصلة لنص الخراب والمذلة والعوز والمجهول الكالح. لا تفاؤل البتة.

 

يستحيل تأليف حكومة وفاق وطني. الاسهل هو هذا الصعب الدائم. تأليف حكومة بطريقة قيصرية مؤلمة ومجزية. لاحقاً، لا تأتي قوى الاعلام الحزبي والديني على ذكر مسببي هذا الجحيم. يعلكون كلاماً عن التمثيل في الحكومة: تمثيل من؟ انهم هم هم. الذين كانوا آلهة الارتكاب وشياطينه. الحكومة القادمة ان وجدت ستكون على صورة شياطين الاحزاب . كل الأحزاب لا نستثني أحداً. مستحيل أن نحظى بحكومة. ستكون لنا عصابة.

يا للعار سوق البغاء أكثر نقاء

 

لعنة فلسطين على الفلسطينيين الغلابى الطيبين الانسانيين هي لعنة خالدة. ليست الكارثة في انهم قتلوا الماضي وسفكوا الحاضر. لقد أعدموا المستقبل قبل ان تولد فلسطين .

 

ومن المستحيلات ما يلي: يستحيل على فلسطين ان تتغير. ان تصبح دولة. ان تكون وطناً. ان تكون لديها ديموقراطية. ان تكون سيدة مستقلاً. ان تكون منتجة ان تتآلف الأحزاب والحركات . ان تتفق اطرافها على علاقات خارجية وطنية. فلسطين ، كانت دائماً تابعة. استقلالها كذبة. حكوماتها عكازاتها مُعَارَة من عواصم الاقليم ودول الاغتصاب والاستعمار الدولي.

يستحيل ان يفهم الشيعي السني، وان يفهم الفتحاوي الحمساوي. هل تسمعون ما يقول هذا وذاك؟ ما بينهما مهوار كبير. الجهل المتبادل ضروري. بناء السياسة على الاحقاد، دليل على ان فلسطين معدومة. كل فريق يحب فلسطينه ويستنكر فلسطين الآخر. يستحيل ان يحل الوئام الداخلي بين الحمساوي والفتحاوي. هذا شرخ من المحيط الى الخليج، من دون استثناء ابداً. الحمساوي ضد الفتحاوي، صبحاً وظهراً ومساء. دائماً وابداً. وضد الاحزاب اليسارية في فلسطين . وهذا طبيعي جداً، لأن الجاذب الديني والحزبي لا يوازيه ابداً جاذب وطني مهلهل.

 

“فلسطين ” بلد. يستحيل فيها الاتفاق على كل شيء. عفواً. يتفقون علينا. نحن لسنا فلسطينيين، انهم ينظرون الينا، كأننا أتباع. أو كأننا خدم. المستعبد الوحيد، هو “الصديق الخارجي” أمثال قطر وتركيا

وإيران والإمارات.

 

فلسطين بلد المستحيلات. لا أحد بإمكانه ان يضع نقطة نهائية على سطر النزاعات الداخلية والصراعات والاحقاد والتبعيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى