مقال

الدكروري يكتب عن المخابرات الإسلامية في الهجرة النبوية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المخابرات الإسلامية في الهجرة النبوية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد قام الصحابي الجليل عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بدور المخابرات الإسلامية في هذه العملية الخطيرة وهي الهجرة النبوية الشريفة، فهو سيذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه كل يوم بأخبار مكة، وتحركات القرشيين، وردود الأفعال لخروج الرسول صلى الله عليه وسلم، وسوف يأتي في أول الليل، وسيبقى مع الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه طوال الليل ثم يعود إلى مكة قبل الفجر، ويبيت هناك، ثم يُظهر نفسه للناس، فلا يشك أحد في أنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وسابعا بأنه سيقوم عامر بن فهيرة رضي الله عنه مولى الصديق رضي الله عنه بدور التغطية الأمنية لهذه العملية وذلك برعي الأغنام فوق آثار أقدام الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه.

 

ثم فوق آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بعد ذلك، حتى يضيع على المشركين فرصة تتبع آثار الأقدام، وثامنا بالنسبة إلى طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه في الغار مدة الأيام الثلاثة فسيكون عن طريق أمرين، أما الأول فهو زاد من الطعام أعد في بيت أبو بكر الصديق رضي الله عنه قبل الخروج، وقامت بإعداده السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، فهذا طعام خرج به الصديق رضي الله عنه من بيته، وأما المصدر الثاني للطعام فكان اللبن الذي يأخذانه من غنم عامر بن فهيرة رضي الله عنه، فكما جاء في رواية السيدة عائشة رضي الله عنها “ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان فى رسل، وهو لبن منحتهما ورضيفهما”

 

فهذا المصدر كان إلى جانب السفرة التي حملها الصديق رضي الله عنه معه، أما ما رُوي من كون أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها كانت هي التي تحمل الطعام والماء، وتتجه به كل يوم إلى غار ثور إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأبيها الصديق رضي الله عنه، فهو أمر مستبعد، والله أعلم فالرواية التي ذكرت ذلك بلا سند، حيث قال ابن إسحاق “وكانت أسماء بنت أبى بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما” وهذه الرواية لا تتفق مع ما جاء في الصحيح من كون الطعام أعد وحُمل من بيت الصديق رضي الله عنه مباشرة، كما أن أسماء رضي الله عنها كانت في الشهور الأخيرة من حملها، وإنه لمن الصعب أن تتحرك امرأة في هذه الظروف مسافة ثمانية كيلو مترات في الصحراء، وهي تحمل الطعام، فضلا عن صعود الجبل الصعب حتى تصل إلى الغار.

 

بالإضافة إلى أن حركتها هذه في عمق الصحراء قد تلفت أنظار القرشيين، لعدم اعتيادهم رؤية النساء بمفردهن في مثل هذه الطرق، فكانت هذه هي عناصر الخطة الدقيقة التي اشترك في وضعها وتنفيذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه، وتعاون معهم فيها فريق من المؤمنين، كلهم من بيت الصديق رضي الله عنهم، بالإضافة إلى الدليل المشرك، وكان بعد أن نجحت بيعة العقبة الثانية، وأصبح الأنصار يمثلون عددا لا بأس به في يثرب، وقبلوا أن يستقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يحموه مما يحمون منه نساءهم وأبناءهم وأموالهم، بعد كل هذه الأمور العظيمة التي حدثت في فترة وجيزة جدا، جاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأذن له بالهجرة إلى يثرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى